وجه تقرير التضخم الساخن لشهر يناير، إلى جانب بيانات التوظيف القوية الصادرة الأسبوع الماضي، ضربة قوية للتوقعات المتعلقة بخفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري. ومع تصاعد المؤشرات الاقتصادية التي تعكس استمرار الضغوط التضخمية، تزايدت التوقعات داخل وول ستريت بشأن احتمالية إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على سياسته النقدية المشددة لفترة أطول مما كان متوقعًا.
وفي هذا السياق، أكدت مؤسسة “ماكواري” في مذكرة بحثية حديثة أن السيناريو الأساسي الذي تتبناه حاليًا للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يتمثل في الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة طوال عام 2025، مع استبعاد أي تخفيض وشيك لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية. وأضافت المؤسسة أن بيانات التضخم الأخيرة عززت هذا التوجه، لا سيما بعد تقرير التوظيف القوي الذي صدر الأسبوع الماضي.
وكشفت البيانات الصادرة يوم الأربعاء عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) على أساس شهري بنسبة 0.5%، متجاوزًا توقعات الاقتصاديين التي استقرت عند 0.3%، ومرتفعًا عن نسبة 0.4% المسجلة في الشهر السابق. ومن المرجح أن يؤدي هذا الارتفاع إلى انعكاسات مباشرة على مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE)، وهو المقياس التضخمي المفضل لدى الفيدرالي الأمريكي، اعتمادًا على ما ستكشفه بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) المرتقبة يوم الخميس.
ويرجع استمرار الضغوط التضخمية بشكل أساسي إلى التباطؤ النسبي في انخفاض أسعار السلع، والتي كانت قد بلغت أدنى مستوياتها في وقت سابق، بينما لا يزال التضخم في قطاع الإسكان، لاسيما الإيجارات، يشكل عامل ضغط على مستويات الأسعار. وحذرت “ماكواري” من أن هناك مخاطر تضخمية صاعدة قد تنتج عن الرسوم الجمركية المفروضة والمهددة، مما قد يعقد مهمة الفيدرالي في السيطرة على التضخم.
وفي ظل هذه التطورات، يكتسب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مارس أهمية خاصة، حيث سيتم خلاله إصدار توقعات جديدة بشأن السياسة النقدية، تشمل احتمالات خفض أسعار الفائدة وتقديرات التضخم المستقبلي. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن موقف الفيدرالي قد يصبح أكثر تشددًا، مع إمكانية قيام صانعي السياسة النقدية برفع تقديراتهم للمعدل المحايد طويل الأجل.
ويمثل ارتفاع المعدل المحايد – وهو المعدل الذي لا يدفع النمو الاقتصادي ولا يكبحه – مؤشرًا على أن الفيدرالي قد لا يكون في عجلة من أمره لخفض الفائدة، مما قد يحد من فرص المزيد من التيسير النقدي خلال الأشهر القادمة.