بدأت شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، وسط ترقب واسع النطاق من قبل المستثمرين والأسواق المالية، في ظل التطورات الاقتصادية والسياسات التجارية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي. يأتي ذلك في أعقاب فرض تعريفات جمركية على سلع أساسية مثل الصلب والألمنيوم، مع توقعات بفرض المزيد من الرسوم الجمركية خلال الأيام المقبلة، مما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد العالمي.
تصريحات باول: استقرار سوق العمل ومخاوف التضخم
خلال شهادته، أكد جيروم باول أن معدل البطالة في الولايات المتحدة لا يزال عند مستويات منخفضة ومستقرة، مشيرًا إلى أن سوق العمل يتمتع بقدر كبير من الصلابة ولا يشكل في الوقت الراهن مصدرًا رئيسيًا للضغوط التضخمية. وعلى الرغم من استقرار معدل التضخم بالقرب من المستوى المستهدف البالغ 2%، إلا أن باول حذر من احتمالية ارتفاعه مجددًا، مشددًا على ضرورة عدم الاطمئنان التام إلى الأوضاع الحالية.
أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية، فقد أشار رئيس الفيدرالي إلى أن البنك المركزي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة، موضحًا أن أي تحرك في هذا الاتجاه لن يحدث إلا في حال ظهور ضعف غير متوقع وشديد في سوق العمل. وأكد باول أنه في حال استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة، فسيكون من الضروري الإبقاء على السياسة النقدية المشددة لفترة أطول، حفاظًا على قوة الاقتصاد الأمريكي واستقراره.
إصلاحات مصرفية والتزام الفيدرالي بمراقبة القطاع المالي
في سياق حديثه عن القطاع المصرفي، أعلن باول عزمه على المضي قدمًا في إنهاء ما يُعرف بمفهوم “إزالة المخاطر” أو “Debanking”، والذي يشير إلى تقييد الخدمات المصرفية في بعض القطاعات. كما أكد التزامه بتنفيذ المرحلة النهائية من اتفاقية “بازل 3”، التي تهدف إلى تعزيز متطلبات رأس المال التنظيمي للبنوك الكبرى. وشدد على أن النظام المصرفي الأمريكي لا يزال في وضع قوي، وأن المدفوعات الحكومية آمنة ومستقرة في الوقت الراهن.
تحذيرات إليزابيث وارن من تأثيرات إيلون ماسك والسياسة المالية
من جهة أخرى، أثارت السيناتور إليزابيث وارن، المعروفة بمواقفها الصارمة تجاه كبار رجال الأعمال، مخاوفها بشأن نفوذ إيلون ماسك وتأثيره على الحكومة الأمريكية. وادعت أن ماسك يسعى إلى تقويض المؤسسات الحكومية، محذرة من أن تحركاته في قطاع التكنولوجيا والبيانات قد تؤدي إلى ممارسات مالية مشبوهة. كما وجهت وارن انتقادات مباشرة إلى الإدارة الأمريكية، محذرةً من أي محاولات للتأثير على سياسات الفيدرالي الأمريكي ودفعه إلى تغيير نهجه النقدي تحت ضغوط سياسية.
رد فعل الأسواق: الذهب يتراجع والمؤشرات تهبط
على صعيد الأسواق المالية، تراجعت أسعار الذهب بعد أن سجلت مستويات قياسية أمس، حيث انخفضت العقود الآجلة للمعدن النفيس بنسبة 0.29% لتصل إلى 2925.9 دولار للأوقية، فيما تراجع السعر الفوري بنسبة 0.32% ليبلغ 2898.65 دولار للأوقية.
وفي الوقت ذاته، انخفض مؤشر الدولار الأمريكي إلى ما دون مستوى 108 مقابل سلة من العملات الأجنبية، متراجعًا بنسبة 0.19%، بينما سجلت أسواق الأسهم الأمريكية خسائر طفيفة، حيث هبط مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.11%، وتراجع داو جونز بنسبة 0.11%، بينما انخفض ناسداك بنسبة 0.10%.
تعكس تصريحات جيروم باول موقفًا حذرًا من قبل الفيدرالي الأمريكي، حيث يواصل مراقبة التضخم وسوق العمل دون استعجال في اتخاذ قرارات تخص خفض أسعار الفائدة. في الوقت نفسه، تظل الأسواق المالية في حالة من الترقب لتأثير السياسات التجارية الجديدة، وسط تباين ردود الفعل على مختلف الأصعدة الاقتصادية.
