شهدت أسعار الذهب قفزة قوية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تجاوزت العقود الآجلة للمعدن النفيس حاجز 2,901 دولارًا للأوقية، مسجلة مستوى قياسيًا جديدًا في ظل تصاعد المخاوف الاقتصادية والسياسية. وفي هذا السياق، جدد محللو جولدمان ساكس (NYSE:GS) نظرتهم المتفائلة تجاه الذهب، مشيرين إلى أنه يظل أحد أهم الأصول الاستثمارية في مواجهة التحديات الاقتصادية الكبرى.
المخاطر التجارية تعزز جاذبية الذهب
في مذكرة بحثية صادرة عن جولدمان ساكس، أكد المحللون أن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وكل من المكسيك وكندا تساهم في تعزيز جاذبية الذهب كأداة تحوط رئيسية للمستثمرين. وأوضح التقرير:
“حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن السياسات الأمريكية تعزز الدور المتنوع للسلع في المحافظ الاستثمارية. وبشكل خاص، نواصل رؤية قيمة في الاستثمار طويل الأجل في الذهب، نظرًا لدوره كتحوط فعال ضد عدة مخاطر اقتصادية كبرى.”
ويرى الخبراء أن التهديد بفرض رسوم جمركية إضافية على المكسيك وكندا قد يؤدي إلى اضطرابات واسعة في سلاسل التوريد، مما يزيد من الضغوط التضخمية ويؤثر على الأسواق المالية. كما أن مخاوف الديون الأمريكية المتزايدة تعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
زخم صعودي رغم تثبيت الفائدة
على الرغم من قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، والذي يُعتبر تقليديًا عاملًا مثبطًا لارتفاع أسعار الذهب، إلا أن المعدن الأصفر واصل مكاسبه مدعومًا بتزايد الطلب الاستثماري وتوجه البنوك المركزية نحو زيادة احتياطياتها من الذهب.
وكانت التوقعات تشير إلى أن رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى تراجع الإقبال على الذهب، لكن المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد العالمي ساهمت في إبقاء الزخم الصعودي للأسعار. كما أن التدفقات النقدية نحو الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) شكلت عامل دعم إضافي لاستمرار الاتجاه الصاعد.
توقعات مستقبلية متفائلة
منذ بداية العام، سجل الذهب ارتفاعًا بنحو 9%، وذلك بعد مكاسب قوية تجاوزت 27% خلال عام 2024، مدفوعًا بالطلب المتزايد من المستثمرين والبنوك المركزية. وفي ظل هذه المعطيات، جدد جولدمان ساكس توصيته الإيجابية بشأن الاستثمار في الذهب، مؤكدًا أنه يظل الخيار الأكثر موثوقية عبر فئات السلع المختلفة.
وأكد التقرير:
“نكرر أن الاستثمار طويل الأجل في الذهب يظل توصيتنا الأكثر ثقة عبر فئات السلع، وذلك بدعم من العوامل الهيكلية مثل مشتريات البنوك المركزية، والعوامل الدورية مثل تدفقات صناديق ETFs.”
كما حافظ البنك الاستثماري على توقعاته بوصول سعر الذهب إلى 3,000 دولار للأوقية بحلول الربع الثاني من عام 2026، ما يعكس تفاؤلًا مستمرًا بأداء المعدن الثمين في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.
يبدو أن الذهب سيواصل تألقه كأداة تحوط رئيسية للمستثمرين، خاصة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والمخاطر الاقتصادية. وفي ظل هذه الظروف، يظل المعدن الأصفر محط أنظار الأسواق، وسط توقعات بمزيد من المكاسب خلال السنوات المقبلة.