تحدث روبرت كيوساكي عن الأسواق المالية العالمية التي شهدت تراجعًا حادًا في أسعار الأسهم والسندات والعقارات، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الذهب والفضة والبيتكوين، مع دخول التعريفات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حيز التنفيذ. ورغم هذه التقلبات التي أثارت قلق المستثمرين، يرى الخبير الاقتصادي والمؤلف الشهير لكتاب “الأب الغني والأب الفقير”، روبرت كيوساكي، أن هذه الانخفاضات ليست سوى فرصة ذهبية للاستثمار، وليست تهديدًا للسوق كما يعتقد البعض.
كيوساكي: الانخفاضات فرصة لا تُعوَّض
في نظر كيوساكي، فإن الأوقات التي تتراجع فيها الأسواق تمثل أفضل الفرص لجني الثروات، إذ يرى أن المستثمرين الأذكياء يستغلون فترات الانخفاضات لشراء الأصول بأسعار أقل، قبل أن تعود قيمتها إلى الارتفاع في المستقبل. وأكد في تغريدة حديثة أن دخول التعريفات الجمركية حيّز التنفيذ قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاضات في أسعار الذهب والفضة والبيتكوين، لكنه شدد على أنه سيقوم بزيادة استثماراته في هذه الأصول عند انخفاض الأسعار، مؤكدًا أن هذه الاستراتيجية هي المفتاح الحقيقي للثراء.
وفي إحدى تغريداته، كتب كيوساكي:
“مع دخول تعريفات ترامب حيز التنفيذ، قد تهبط أسعار الذهب والفضة والبيتكوين. وهذا أمر جيد، سأشتري المزيد عند انخفاض الأسعار. المشكلة الحقيقية ليست في انخفاض الأسعار، بل في الديون التي ستواصل التفاقم.”
التعريفات الجمركية وتأثيرها على الأسواق المالية
لا يقتصر تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الأصول الاستثمارية التقليدية فحسب، بل امتد إلى العملات الرقمية أيضًا، حيث سجلت الأسواق انخفاضات كبيرة بعد الإعلان عن هذه الإجراءات. فقد شهدت بيتكوين (BTC) هبوطًا بنسبة 4.5% يوم الاثنين، لتصل إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع عند 94,151 دولارًا. كما انخفضت إيثر (ETH) بنسبة 18% إلى 2,540 دولارًا، وهو أدنى مستوى لها منذ أوائل سبتمبر.
أما العملات الرقمية الأخرى، فلم تكن في مأمن من هذه التقلبات، حيث تراجعت إكس آر بي (XRP) بنسبة 23% لتسجل 2.2 دولار، بينما هوت دوج كوين (DOGE) بنسبة 24% إلى 0.23 دولار. كما شهدت عملة سولانا (SOL) انخفاضًا بنسبة 7.5% لتصل إلى 194.43 دولارًا.
أزمة الديون.. القنبلة الموقوتة
رغم أن كيوساكي يرى أن الانخفاض الحالي يمثل فرصة استثمارية، فإنه يلفت النظر إلى المشكلة الأعمق التي تواجه الأسواق العالمية، وهي تفاقم أزمة الديون. فمع استمرار الحكومات والبنوك المركزية في طباعة النقود وضخ السيولة في الأسواق، فإن الاقتصاد العالمي يواجه خطرًا متزايدًا يتمثل في تضخم الديون، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة مالية أشد من تلك التي شهدها العالم في 2008.
لطالما انتقد كيوساكي السياسات النقدية للاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأميركية، معتبرًا أن النظام المالي الحالي يعتمد بشكل مفرط على طباعة الأموال بدون غطاء حقيقي، مما يؤدي إلى تآكل قيمة العملات الورقية بمرور الوقت، في حين تستفيد الأصول البديلة مثل الذهب والفضة والبيتكوين من هذه السياسات على المدى الطويل.
البيتكوين بين قانون غريشام وقانون ميتكالف
في إطار تفسيره لحركة البيتكوين في الأسواق، استشهد كيوساكي بقانون غريشام، والذي ينص على أن “النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من السوق”، مشيرًا إلى أن العملات الورقية مثل الدولار الأميركي قد تواجه مصيرًا مماثلًا بسبب التوسع في طباعة النقود، في حين أن البيتكوين والمعادن النفيسة مثل الذهب والفضة قد تبرز كملاذات آمنة للثروة في المستقبل.
كما أشار إلى قانون ميتكالف، الذي ينص على أن “قيمة الشبكة تزداد بازدياد عدد مستخدميها”، مشبهًا ذلك بنجاح شركات مثل ماكدونالدز، التي توسعت شبكتها العالمية بفضل زيادة المستخدمين، وهو ما قد يحدث مع البيتكوين مع استمرار تبنيها عالميًا.
ماذا يعني هذا للمستثمرين؟
وفقًا لرؤية كيوساكي، فإن التقلبات الحالية ليست سببًا للذعر، بل ينبغي النظر إليها كجزء طبيعي من الدورة الاقتصادية. ويؤكد أن المستثمرين الذين يتبعون استراتيجيات طويلة الأجل ويركزون على اقتناص الفرص عند انخفاض الأسعار، هم الأكثر قدرة على تحقيق الثروات في المستقبل.
ورغم التحذيرات المستمرة من إمكانية انهيار الأسواق، لا يزال كيوساكي متفائلًا بمستقبل البيتكوين، معتبرًا أن هذه العملة المشفرة تمثل أحد الحلول البديلة للنظام المالي التقليدي، خاصة مع استمرار الضغوط التضخمية وتفاقم أزمة الديون العالمية.
يبدو أن روبرت كيوساكي يظل متمسكًا برؤيته المتفائلة تجاه الأصول البديلة رغم الاضطرابات الحالية في الأسواق. وبينما ينظر البعض إلى التراجعات كإشارات للخروج من السوق، يراها كيوساكي فرصًا لا ينبغي تفويتها، مؤكدًا أن الأزمات تخلق الأثرياء، بشرط أن يكونوا مستعدين لاستغلال الفرص عندما تأتي.