واصلت العقود الآجلة الذهب مكاسبها القوية، لتسجل مستوى قياسيًا جديدًا مدعومة ببيانات اقتصادية أمريكية مخيبة للآمال، حيث تأثر المعدن النفيس سلبًا بتباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي وتراجع قطاع الإسكان، مما عزز التوقعات بشأن توجه الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة قريبًا.
وارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة تقارب 2% لتسجل 2947.4 دولارًا للأوقية، فيما صعدت العقود الفورية بنسبة 1.2% إلى 2793.06 دولارًا للأوقية، كما سجلت عقود الفضة ارتفاعًا قويًا بنسبة 4.3% إلى 32.74 دولارًا للأونصة.
وجاء هذا الأداء الإيجابي للذهب رغم صعود مؤشرات الأسهم الأمريكية، حيث ارتفع مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.27%، ومؤشر داو جونز بنسبة 0.34%، بينما شهد مؤشر ناسداك تحركات جانبية وسط حالة من الترقب في الأسواق.
تباطؤ النمو الاقتصادي يدفع الدولار للتراجع
تأثرت الأسواق المالية بعد صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، التي أظهرت نموًا بنسبة 2.3% خلال الربع الأخير، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى 2.7%. وجاءت هذه البيانات الضعيفة لتضغط على مؤشر الدولار، الذي انخفض إلى 107.5 مقابل سلة من العملات الرئيسية، على الرغم من قيام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
وفي ظل هذه التطورات، عاد المستثمرون لرفع رهاناتهم على خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة في شهر مارس، خاصة بعد تصاعد الانتقادات من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لسياسات البنك المركزي، مطالبًا إياه بالتحرك السريع نحو خفض الفائدة لتحفيز الاقتصاد.
تراجع قطاع الإسكان يمنح الذهب دفعة إضافية
تلقى سوق الإسكان الأمريكي ضربة قوية، حيث تراجعت مبيعات المنازل المعلقة بنسبة 5.5% خلال شهر ديسمبر، بعد تسجيل ارتفاع طفيف بنسبة 1.9% في نوفمبر. وكانت التوقعات تشير إلى استقرار المؤشر عند 0.0%، إلا أن البيانات جاءت أسوأ من المتوقع، مما يعكس استمرار الضغوط على القطاع العقاري.
وشهدت جميع المناطق الأمريكية تراجعًا في المبيعات، مع تسجيل أكبر انخفاض في الغرب، حيث تؤثر معدلات الرهن العقاري المرتفعة بشكل مباشر على قدرة المشترين على تحمل تكاليف المنازل.
وصرح لورانس يون، كبير الاقتصاديين في الجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين (NAR)، قائلًا:
“التراجع الأخير ليس مفاجئًا تمامًا، فالمؤشرات الاقتصادية لا تتحرك في خط مستقيم. رغم ارتفاع معدلات الرهن العقاري، لا يزال هناك نشاط في السوق مدفوعًا بالمعاملات النقدية.”
وأوضح يون أن المناطق الأكثر تأثرًا هي الشمال الشرقي والغرب، حيث أثرت معدلات الفائدة المرتفعة سلبًا على القدرة الشرائية، فيما قد يكون للظروف الجوية القاسية أيضًا دور في تأخير قرارات الشراء.
الذهب يواصل تألقه في ظل الضبابية الاقتصادية
يمثل تقرير مبيعات المنازل المعلقة مؤشرًا مهمًا لقياس أداء قطاع الإسكان، حيث يسبق تنفيذ عمليات البيع الفعلية بعدة أشهر. ومع استمرار التباطؤ في هذا القطاع، تزداد التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو خفض الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعًا، مما يعزز شهية المستثمرين تجاه الذهب كملاذ آمن.
ويأتي ذلك في وقت يسعى فيه السوق العقاري الأمريكي لتحقيق الاستقرار بعد عام صعب، شهد فيه ارتفاع الأسعار ومعدلات الرهن العقاري، مما أدى إلى إقصاء عدد كبير من المشترين المحتملين. ومع تصاعد حالة عدم اليقين في الأسواق المالية، يظل الذهب الخيار الأمثل للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية والسياسية.
