الذهب يواصل ارتفاعه رغم تقلبات الأسواق: هل يقترب من تحقيق مستوى 3000 دولار؟

admin30 يناير 2025آخر تحديث :
الذهب

في ظل حالة التشاؤم التي تسيطر على سوق الأسهم بسبب المخاوف المتزايدة من تأثير نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني “DeepSeek”، يستمر الذهب في الارتفاع بهدوء، مقتربًا من مستويات قياسية جديدة. ففي الوقت الذي تكبّدت فيه معظم الأسهم خسائر ملحوظة مع بداية الأسبوع، مستجيبة للقلق من قدرة هذا النموذج المتقدم على تغيير معادلات الاستثمار في القطاع التكنولوجي، تمكن المعدن الأصفر من تجاهل هذه التقلبات، متجاوزًا حاجز 2777 دولارًا للأونصة، ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 0.65% خلال تعاملات اليوم.

الذهب في مواجهة العوامل الضاغطة

خلال الأشهر الـ 12 الماضية، قفزت أسعار الذهب بنسبة تفوق 36%، مدفوعةً بجملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. أحد أبرز هذه العوامل هو حالة عدم اليقين التي خلّفتها السياسات التجارية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعاد إحياء الحديث عن فرض تعريفات جمركية صارمة على واردات حيوية مثل الرقائق الإلكترونية، الأدوية، والصلب، في محاولة لتعزيز الإنتاج المحلي. هذه الإجراءات، التي قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية جديدة، زادت من جاذبية الذهب كملاذ آمن للمستثمرين القلقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي.

وفي الوقت الذي يدعم فيه التضخم المرتفع جاذبية المعدن النفيس، فإن ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات إلى ما فوق 4.80%، ووصول الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته في 52 أسبوعًا، كان من المفترض أن يشكلا عوامل ضغط على الذهب. فعادةً، يؤدي ارتفاع الدولار إلى تقليل الإقبال على الذهب عالميًا، إلا أن ما يحدث حاليًا يخالف هذه القاعدة التاريخية، مما يعكس توجهًا غير تقليدي في سلوك المستثمرين.

الذهب يرسل إشارات غير اعتيادية

أشارت منصة “The Kobeissi Letter” إلى أن المسار الصعودي الذي يسلكه الذهب يحمل رسالة واضحة، خصوصًا أنه يستمر في الارتفاع رغم العوامل التي كانت تعرقل صعوده تقليديًا. فالتناقض الحاصل بين ارتفاع الذهب وقوة الدولار يعزز فرضية أن المستثمرين يتجهون بشكل متزايد إلى الذهب كوسيلة تحوط ضد المخاطر المستقبلية، سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية.

ما وراء ارتفاع الذهب؟

يبدو أن الأسواق العالمية تتفاعل مع مزيج من العوامل المتشابكة. فمن ناحية، تواجه الولايات المتحدة أزمة تضخم مستمرة وعجزًا متزايدًا في الميزانية، مما يعزز الطلب على الأصول الآمنة. في المقابل، تعاني الصين من ضغوط انكماشية، ما يزيد من حالة الضبابية حول مستقبل الاقتصاد العالمي. هذا التباين بين القوى الاقتصادية الكبرى خلق بيئة غير مستقرة، دفعت المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر استقرارًا، وعلى رأسها الذهب.

بالتوازي مع ذلك، يترقب المستثمرون اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم، وسط تكهنات متزايدة حول مسار أسعار الفائدة. ففي حال قرر الفيدرالي تخفيض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المتوقع، فإن ذلك قد يمنح الذهب دفعة إضافية نحو تحقيق مستويات قياسية جديدة، وربما تجاوز حاجز 3000 دولار للأونصة.

هل يمثل الذهب مؤشرًا على أزمة قادمة؟

في عام 2024، كان ارتفاع الذهب بمثابة تحذير مبكر من احتمالية وقوع حدث غير متوقع، أو ما يُعرف بـ “البجعة السوداء” (Black Swan Event)، وهي ظاهرة تشير إلى وقوع أحداث مفاجئة ذات تأثير عميق على الأسواق المالية. وبينما لا يزال من المبكر الجزم بما إذا كان الذهب يعكس تحذيرًا من أزمة وشيكة، فإن توجه المستثمرين نحو المعدن النفيس على الرغم من قوة الدولار، يشير إلى أنهم يتوقعون اضطرابات قد تدفعهم إلى حماية أصولهم من التقلبات المستقبلية.

رغم كل العوامل الاقتصادية المتضاربة، يواصل الذهب التحرك في اتجاه صاعد، متجاهلًا القيود التقليدية التي كانت تؤثر عليه في الماضي. ومع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، يظل السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان الذهب قادرًا على تحقيق مستوى 3000 دولار للأونصة، أم أن الأسواق ستشهد تصحيحًا قريبًا يعيد الأمور إلى نصابها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.