شهدت الأسواق العالمية يومًا عاصفًا، حيث تكبد أغنى 500 شخص في العالم خسائر ضخمة بلغت 108 مليارات دولار، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات. جاءت هذه الخسائر على خلفية موجة بيع واسعة ضربت قطاع التكنولوجيا، ما أدى إلى انخفاضات حادة في المؤشرات الرئيسية، وعلى رأسها ناسداك المركب الذي تراجع بنسبة 3.1%، ومؤشر إس آند بي 500 الذي انخفض بنسبة 1.5%.
الخسائر الأكبر في مجال الذكاء الاصطناعي
كان المليارديرات المرتبطون بقطاع الذكاء الاصطناعي الأكثر تأثرًا بهذه العاصفة المالية. قاد جينسن هوانغ، المؤسس المشارك لشركة إنفيديا، قائمة الخاسرين بفقدانه 20.1 مليار دولار، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 20% من ثروته. أما لاري إليسون، مؤسس شركة أوراكل، فقد تكبد خسارة أكبر من حيث القيمة المطلقة، بلغت 22.6 مليار دولار، أي ما يعادل 12% من إجمالي ثروته. ولم تكن الخسائر أقل حدة بالنسبة لمايكل ديل، مؤسس شركة ديل، الذي فقد 13 مليار دولار، أو تشانغبينغ زاو، المؤسس المشارك لشركة بينانس، بخسائر بلغت 12.1 مليار دولار.
“ديب سيك” الصيني يغير قواعد اللعبة
جاءت هذه الخسائر في أعقاب صعود شركة “ديب سيك” الصينية، التي تتخذ من هانغتشو مقرًا لها. نجحت الشركة في تحقيق اختراق نوعي في مجال الذكاء الاصطناعي بتطوير نموذجها الرائد بتكلفة منخفضة للغاية بلغت 5.6 مليون دولار فقط، ما أثار موجة من القلق بين عمالقة التكنولوجيا الغربية الذين استثمروا مليارات الدولارات في هذا القطاع.
تصدّر تطبيق “ديب سيك آر 1” قوائم التحميل العالمية، ما جذب ملايين المستخدمين خلال فترة زمنية قصيرة، رغم أن الشركة قيدت التسجيل للمستخدمين الذين يمتلكون أرقام هواتف صينية فقط. هذا النجاح السريع وجه ضربة قوية لنموذج وادي السيليكون الذي يعتمد على استثمارات ضخمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تحديات واستراتيجيات متباينة
بينما تبنت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل ميتا، ألفابت، ومايكروسوفت نهجًا يعتمد على إنفاق رأسمالي ضخم، فإن النجاح الذي حققته “ديب سيك” بتكلفة محدودة أثار تساؤلات حول جدوى هذه الاستراتيجيات. وفقًا لتقرير بلومبرغ إنتليجنس، من المتوقع أن تصل استثمارات هذه الشركات في مشاريع الذكاء الاصطناعي إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2025.
الفائزون والخاسرون في عالم الذكاء الاصطناعي
رغم الخسائر التي طالت هوانغ وإليسون، استمرت ثروات بعض المليارديرات الآخرين في النمو. مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، زاد ثروته بمقدار 4.3 مليار دولار في يوم واحد، بينما ارتفعت ثروة جيف بيزوس بمقدار 632 مليون دولار.
مستقبل المنافسة العالمية
إن صعود “ديب سيك” يمثل تحولًا كبيرًا في ديناميكيات المنافسة العالمية في قطاع الذكاء الاصطناعي. قيود التصدير الأميركية على الرقائق المتطورة دفعت الشركات الصينية للبحث عن حلول مبتكرة، ما مكنها من تطوير تقنيات منافسة بتكاليف أقل.
تواجه شركات التكنولوجيا الغربية الآن تحديًا كبيرًا للحفاظ على ريادتها في ظل ظهور لاعبين جدد قادرين على تغيير قواعد اللعبة.
