شهدت الليرة التركية انخفاضًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الجمعة، وسط عمليات شراء مكثفة للدولار الأمريكي من قبل البنك المركزي، في خطوة تعكس استراتيجية تهدف إلى تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، لكنها أثارت في الوقت ذاته مخاوف بشأن السيولة الزائدة وتأثيراتها الاقتصادية.
فائض سيولة قياسي في النظام المالي
وصل فائض السيولة في النظام المالي التركي هذا الأسبوع إلى مستوى غير مسبوق بلغ تريليون ليرة تركية (ما يعادل 28.2 مليار دولار). ويعود ذلك إلى تكثيف البنك المركزي لعمليات شراء الدولار الأمريكي، بهدف كبح ارتفاع قيمة الليرة نتيجة عوامل مثل رفع أسعار الفائدة وتدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، إضافة إلى تشجيع المواطنين على التخلي عن الدولار.
تداعيات السيولة الزائدة على الاقتصاد
إلى جانب تأثيراتها الإيجابية على الاحتياطيات النقدية، أثارت السيولة المرتفعة مخاوف اقتصادية كبيرة. وفقًا للخبير الاقتصادي هالوك بورومتشيكجي، قامت السلطات بشراء ما لا يقل عن 7 مليارات دولار خلال الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تضخم السيولة المحلية.
هذا الفائض يهدد بزيادة الضغوط التضخمية وتراجع أسعار الفائدة على الودائع، مما قد يدفع المدخرين إلى البحث عن بدائل أكثر أمانًا مثل الدولار الأمريكي لحماية قيمة أموالهم.
محاولات البنك المركزي للسيطرة على السيولة
في محاولة للحد من التداعيات السلبية لفائض السيولة، لجأ البنك المركزي التركي إلى إجراءات متعددة، منها رفع متطلبات الاحتياطيات التي تحتفظ بها البنوك وتنظيم مزادات دورية للودائع بالليرة. كما أشار البنك إلى أنه يراقب أوضاع السيولة بشكل دقيق لضمان استقرار الأسواق المالية.
وبحسب الخبيرة الاقتصادية سيلفا بهار بازيكي، فإن هذه السياسات تأتي ضمن أدوات مالية مشابهة لتلك التي استخدمت في عام 2007، لكنها الآن تتيح تمديد فترة الفائض النقدي، مما يساهم في تيسير الأوضاع المالية منذ منتصف سبتمبر.
توجهات أسعار الفائدة ومستقبل السياسة النقدية
رغم خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة في ديسمبر الماضي للمرة الأولى منذ عامين، فإنه يسعى إلى تشديد السياسة النقدية من خلال تقليل الفجوة بين أسعار الإقراض والاقتراض. ومع ذلك، تتزايد التوقعات في الأسواق بشأن إمكانية تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، حيث يُنتظر قرار البنك بشأن السياسة النقدية في 23 يناير الجاري.
أداء الأسواق: الليرة والذهب
سجلت الليرة التركية تراجعًا جديدًا بنسبة 0.4% أمام الدولار الأمريكي، ليصل سعر الصرف إلى 35.56 ليرة للدولار الواحد، بينما ارتفع اليورو بنسبة 0.42% ليبلغ 36.63 ليرة. وفي سوق المعادن، استقر سعر غرام الذهب عند حوالي 3,092 ليرة تركية.