ارتفاع الذهب والدولار معا: مشهد نادر يعكس تقلبات الأسواق وسط ضبابية اقتصادية

admin8 يناير 2025آخر تحديث :
الذهب والدولار

في مشهد اقتصادي نادر الحدوث، شهدت الأسواق العالمية يوم الأربعاء ارتفاعًا مزدوجًا لكل من أسعار الذهب وقوة الدولار الأمريكي، وهو أمر يعتبر غير مألوف نظرًا للعلاقة العكسية التاريخية بينهما. يأتي هذا التزامن بعد صدور بيانات اقتصادية أمريكية متباينة تركت الأسواق في حالة من الترقب والحذر بشأن السياسات النقدية المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي.

أداء الذهب: ملاذ آمن وسط الغموض الاقتصادي

ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقارب أربعة أسابيع، بعد أن أظهرت بيانات تقرير التوظيف في القطاع الخاص الأمريكي لشهر ديسمبر أداءً أضعف من المتوقع. التقرير الصادر عن مؤسسة ADP أشار إلى أن الاقتصاد أضاف 122 ألف وظيفة فقط، وهو ما جاء أقل من التوقعات البالغة 139 ألفًا. هذا التراجع أثار تكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو تخفيف سياساته النقدية بشكل أسرع مما كان متوقعًا.

الذهب الفوري ارتفع بنسبة 0.7% ليصل إلى 2667 دولار للأوقية، بينما ارتفعت العقود الآجلة بنسبة 0.65% لتسجل 2682 دولار. الخبراء يؤكدون أن أي ضعف إضافي في بيانات التوظيف قد يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي.

صعود الدولار: دعم من عوائد السندات والسياسات المحتملة

على الجانب الآخر، واصل الدولار الأمريكي مكاسبه لليوم الثاني على التوالي، مدعومًا بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وتوقعات بتحركات سياسية مثيرة للجدل من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب. ووفقًا لتقرير نشرته شبكة CNN، فإن ترامب يفكر في إعلان حالة طوارئ اقتصادية وطنية كوسيلة لفرض تعريفات جمركية واسعة النطاق على الشركاء التجاريين.

مؤشر الدولار ارتفع بنسبة 0.5% ليصل إلى 109.24، مقتربًا من أعلى مستوى له في عامين. هذا الارتفاع تسبب في تراجع العملات الرئيسية الأخرى؛ حيث انخفض اليورو بنسبة 0.43% إلى 1.0293 دولار، بينما هبط الجنيه الإسترليني بنسبة 1.09% إلى 1.2342 دولار.

تقلبات سوق السندات: إشارات متباينة من الفيدرالي

أثارت البيانات الاقتصادية الأخيرة نقاشًا جديدًا حول توجهات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات ارتفعت بأكثر من 8 نقاط أساس لتصل إلى 4.728%. وقال “بارت واكاباياشي”، مدير فرع طوكيو في “State Street”: “التقارير الاقتصادية القوية تعزز ارتفاع العوائد، مما يضع الفيدرالي في مأزق بين دعم النمو الاقتصادي وكبح التضخم.”

تشير التوقعات الآن إلى خفض متوقع بمقدار 36 نقطة أساس فقط في أسعار الفائدة خلال هذا العام، مع ترجيح أن يكون أول خفض في شهر يوليو.

تأثير التوترات السياسية على الأسواق العالمية

التوترات السياسية القادمة من الولايات المتحدة تلقي بظلالها على الأسواق العالمية، خاصة مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب. الأسواق تترقب خطواته الأولى التي قد تتضمن إعلانات سياسات حادة وأوامر تنفيذية قد تؤدي إلى توترات تجارية جديدة.

في آسيا، واصل الين الياباني تراجعه أمام الدولار ليسجل 158.55، وهو أضعف مستوى له منذ ستة أشهر. كما انخفض اليوان الصيني إلى 7.3322 مقابل الدولار، مسجلاً أدنى مستوى منذ سبتمبر 2023.

الآفاق المستقبلية: قرارات حاسمة قادمة

يركز المستثمرون الآن على محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر ديسمبر وبيانات الوظائف غير الزراعية المقرر صدورها يوم الجمعة. يتوقع المحللون أن توفر هذه البيانات صورة أوضح حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية.

وقال “تاي وونغ”، تاجر معادن مستقل: “محضر اجتماع الفيدرالي قد لا يحمل تأثيرًا كبيرًا بقدر تأثير بيانات التوظيف. الأسواق تترقب أي إشارة قد تساعد في تحديد مسار أسعار الفائدة.”

الأسواق على صفيح ساخن

تظل الأسواق العالمية عالقة بين توقعات متضاربة حول توجهات الفيدرالي، وتصريحات سياسية قد تعيد إشعال حرب تجارية جديدة. هذا المزيج من البيانات الاقتصادية المتقلبة والتوترات الجيوسياسية يضع المستثمرين أمام قرارات صعبة، مع استمرار الذهب والدولار في التحرك بشكل متزامن، في مشهد غير تقليدي قد يستمر لفترة أطول مما يتوقعه الكثيرون.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.