في خطوة مفاجئة للأسواق، قرر البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى منذ عامين، ليصل إلى 47.50% مقارنة بالمستوى السابق البالغ 50%. جاء هذا القرار مخالفًا لتوقعات الخبراء الذين رجحوا خفضًا أقل إلى 48.50%، ما يعكس توجهًا جديدًا في السياسة النقدية التركية.
خلفية القرار
تزامن هذا الإجراء مع إعلان الحكومة التركية قبل يومين عن رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 30% لعام 2025، وهي خطوة تهدف إلى دعم القوة الشرائية للمواطنين وتخفيف الضغوط الاقتصادية. يُنظر إلى هذه القرارات كجزء من استراتيجية شاملة لمواجهة التضخم المرتفع، الذي يُعد من بين أعلى المعدلات عالميًا.
ومع ذلك، حذر محللون من أن أي زيادة كبيرة في الأجور قد تعرقل جهود البنك المركزي لخفض التضخم. يُعتبر الحد الأدنى للأجور في تركيا عنصرًا حاسمًا في تحديد مسار الاقتصاد، حيث يعتمد عليه أكثر من ثلث القوى العاملة في البلاد.
تصريحات المحافظ وتوجهات السياسة النقدية
أكد محافظ البنك المركزي، كارهان، في تقرير التضخم السنوي الأخير، أن الضغوط التضخمية على الطلب والخدمات بدأت في التراجع. كما أشار إلى أن خفض تكاليف الاقتراض لا يعني بالضرورة تبني سياسة نقدية مفرطة التيسير. وصرح نائب المحافظ، جودت أكشاي، بأن البنك سيظل ملتزمًا بموقف متشدد تجاه التضخم، وأن أي دورة لخفض الفائدة ستكون مدروسة بعناية.
على الرغم من ذلك، لا تزال توقعات التضخم للأسر والشركات مرتفعة، مما يعكس استمرار المخاوف بشأن استقرار الأسعار على المدى الطويل. وأكد البنك المركزي أن خفض الفائدة يهدف إلى تحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
تأثير رفع الأجور على التضخم
يُتوقع أن يؤدي رفع الحد الأدنى للأجور إلى زيادة الضغوط التضخمية، حيث أظهرت البيانات السابقة أن الزيادات الكبيرة في الأجور تُترجم عادةً إلى ارتفاع في الأسعار. ومع ذلك، فإن التباطؤ المتوقع في نمو القوة الشرائية قد يخفف من تأثير هذه الضغوط، مما يمنح البنك المركزي مساحة أكبر للمناورة في سياسته النقدية.
تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي رفع توقعاته للتضخم السنوي إلى 44% بنهاية 2024، وإلى 21% بنهاية 2025. وعلى الرغم من تباطؤ نمو أسعار المستهلك إلى 47.1% في الشهر الماضي، فإن هذا الرقم لا يزال بعيدًا عن الهدف الرسمي البالغ 5%.
أداء الليرة التركية
في الأسواق المالية، تراجعت الليرة التركية بشكل طفيف خلال تعاملات اليوم، حيث سجلت انخفاضًا بنسبة 0.14% أمام الدولار الأمريكي لتصل إلى مستوى 35.24 ليرة للدولار. كما تراجعت أمام اليورو بنسبة 0.1%، لتسجل 36.64 ليرة لليورو الواحد. وفيما يخص المعادن الثمينة، ارتفع سعر غرام الذهب في تركيا بنسبة 0.5% ليصل إلى 2,977 ليرة.
قراءة مستقبلية
مع بدء دورة خفض الفائدة، يواجه البنك المركزي التركي تحديات كبيرة لتحقيق توازن بين تحفيز الاقتصاد والسيطرة على التضخم. ستظل الأسواق تترقب عن كثب أي إشارات إضافية من البنك حول توجهاته المستقبلية، خاصة مع اقتراب إعلان بيانات التضخم لشهر ديسمبر في 3 يناير المقبل.