تتجه أنظار الأسواق المالية نحو قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة وسط تعقيدات اقتصادية بارزة تجمع بين استمرار معدلات التضخم وقوة ملحوظة في سوق العمل. في ظل هذه البيئة المتشابكة، يتوقع الخبراء خفضًا محدودًا بمقدار 25 نقطة أساس، بينما تتزايد التساؤلات حول التوجهات المستقبلية للسياسة النقدية لعام 2025.
توقعات الخبراء: خفض محدود وإشارات مستقبلية
يتباين المحللون بشأن مسار التخفيضات المقبلة، حيث تشير لوريتا ميستر، الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، إلى أن التقديرات الحالية بأربعة تخفيضات في عام 2025 “تحتاج إلى مراجعة”. وصرّحت ميستر قائلة: “أرى أن السيناريو الأقرب هو تخفيضين أو ثلاثة”. في المقابل، يرى بعض الخبراء أن الفيدرالي قد يلتزم بخطته المعلنة.
لوك تيلي، كبير الاقتصاديين في Wilmington Trust، أشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي ما زال يتوقع تراجع معدلات التضخم، موضحًا أن التقديرات الحالية تُبقي على نطاق التخفيضات عند أربعة خلال العام المقبل. وأكد تيلي أن المرونة في السياسة النقدية ستكون العنصر الحاسم، مشيرًا إلى تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي أكد أن المجلس مستعد لاتخاذ خطوات أكثر حذرًا إذا دعت الحاجة.
مؤشرات التضخم وسوق العمل
البيانات الأخيرة لعام 2024 كشفت عن استمرار التضخم بمستويات ثابتة نسبيًا. فقد أظهرت إحصاءات مكتب العمل أن مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ارتفع بنسبة 2.7% على أساس سنوي في نوفمبر، مع زيادة مماثلة في مؤشر أسعار الجملة. ورغم ذلك، لم تظهر أي علامات ضعف كبيرة في سوق العمل، الذي حافظ على مرونته مع تسجيل متوسط نمو شهري بلغ 108,000 وظيفة خلال الأشهر الستة الماضية.
مسار الفائدة لعام 2025
بينما يتوقع بعض المحللين أن تظل أسعار الفائدة في نطاق 3.25%-3.5% بنهاية عام 2025، تزداد احتمالية حدوث ركود اقتصادي بنسبة 35% نتيجة تباطؤ سوق العمل. ويلمر ستث، مدير محفظة السندات في Wilmington Trust، يرى أن الفيدرالي قد ينفذ أربع تخفيضات العام المقبل، مع الإشارة إلى تقدم ملحوظ في السيطرة على التضخم، خصوصًا في أسعار المأوى وبعض مكونات مؤشر أسعار المستهلكين.
مرونة الفيدرالي أمام التحديات
من جانبه، أبدى توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، تفاؤله بشأن تراجع التضخم العام المقبل. بينما شدد أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، على أن معدلات التضخم قد انخفضت بشكل كبير منذ ذروتها في 2022. ومع ذلك، أكدت ميستر ضرورة إعادة تقييم السياسة النقدية لعام 2025 استنادًا إلى البيانات الحديثة.
القرار المرتقب
مع ترقب الأسواق لخفض الفائدة هذا الأسبوع، تشير التوقعات إلى احتمالية توقف الفيدرالي عن اتخاذ خطوات إضافية في يناير، لإعادة تقييم الأوضاع الاقتصادية. وفي هذا السياق، تبقى الأنظار معلقة على الإشارات التي سيقدمها المجلس بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، في ظل تعقيدات اقتصادية تتطلب نهجًا مرنًا وحذرًا في آن واحد.
