أظهر مسح أجرته مؤسسة “كونفرنس بورد” الأمريكية أن ثقة الرؤساء التنفيذيين في الصين قد تحولت إلى التشاؤم للمرة الأولى منذ تفشي جائحة كوفيد-19، مما يعكس الضغوط المتزايدة التي تواجهها بيئة الأعمال في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
ووفقاً للمسح، الذي شمل مجموعة من الرؤساء التنفيذيين للشركات الأمريكية والأوروبية العاملة في الصين، انخفض مؤشر الثقة إلى 49 نقطة مقارنة بـ 56 نقطة في الأشهر الستة السابقة. ويمثل هذا الانخفاض تحولاً كبيراً في المزاج العام، حيث تُعد أي قراءة دون مستوى 50 مؤشراً على التشاؤم بشأن الأوضاع الاقتصادية.
ويأتي هذا التراجع في ظل استمرار المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد الصيني، الذي يواجه تحديات متعددة. وصرّح الرؤساء التنفيذيون المشاركون في المسح بأن حساسية الأسعار المرتفعة لدى المستهلكين باتت تضغط على هوامش الأرباح، إذ يتجه العملاء إلى المطالبة بخصومات كبيرة أو تأجيل قرارات الشراء. هذا السلوك الاستهلاكي يعكس حالة من عدم اليقين الاقتصادي وضعف الثقة في المستقبل القريب.
وفي سياق تنافسي أكثر تعقيداً، أشار أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين إلى أن الشركات المحلية في الصين أظهرت مرونة أكبر في مواجهة تقلبات السوق، حيث استطاعت تقديم منتجات مماثلة أو متفوقة بأسعار أقل. هذا التنافس الحاد يفرض على الشركات متعددة الجنسيات إعادة النظر في استراتيجياتها واتخاذ قرارات صعبة لضمان استمرار قدرتها التنافسية.
ورغم التحديات الحالية، أبدى الرؤساء التنفيذيون بعض التفاؤل بشأن المدى البعيد، معتبرين أن الاقتصاد الصيني سيظل يوفر فرصاً مهمة للنمو، لكنهم شددوا على أن الظروف الراهنة تتطلب تكيفاً سريعاً مع المتغيرات واتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة.
يُذكر أن المسح أُجري بين 30 سبتمبر و28 أكتوبر، في أعقاب إعلان الحكومة الصينية عن مجموعة من التدابير التحفيزية، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي. ومع ذلك، أظهرت البيانات الأخيرة أن نمو مبيعات التجزئة قد تباطأ بشكل غير متوقع خلال نوفمبر، مما يعكس ضعف الطلب المحلي ويفاقم التحديات الاقتصادية.
وفي مواجهة هذه التطورات، رفعت السلطات الصينية من أهمية تعزيز الاستهلاك المحلي باعتباره أولوية قصوى في خططها الاقتصادية لعام 2025. ومن بين الخطوات المتخذة، قامت الصين بتخفيف قيود السفر عبر السماح للزوار الأجانب العابرين بدخول البلاد لمدة تصل إلى 10 أيام دون الحاجة إلى تأشيرة، بهدف دعم النشاط الاقتصادي وتشجيع الإنفاق.
في ظل هذه الظروف، يبقى المشهد الاقتصادي في الصين محفوفاً بالتحديات، ما يضع الشركات العالمية والمحلية أمام اختبار صعب للتكيف مع التغيرات الاقتصادية السريعة وتحقيق التوازن بين النمو والاستدامة.