في ظل التذبذب القوي لأسعار الذهب في الأسواق العالمية، يشهد المعدن الأصفر تراجعات حادة، حيث هبط إلى ما دون مستوى 2600 دولار للأوقية، وذلك وسط ترقب بيانات اقتصادية أمريكية هامة وتصريحات لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لتوضيح مسار الفائدة خلال الفترة المقبلة. في هذا المقال، سنستعرض أسباب هذا التراجع وأبرز العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى عودة الأسعار إلى الارتفاع أو استمرار الهبوط.
تأثير الدولار الأمريكي على أسعار الذهب
يعد الدولار الأمريكي أحد العوامل الأساسية المؤثرة في أسعار الذهب عالميًا، حيث وصل الدولار إلى أعلى مستوياته خلال الأربعة أشهر الأخيرة، ما جعل الذهب أقل جاذبية للمستثمرين الذين يتداولون بعملات أخرى. ويأتي هذا الصعود للدولار بدعم من توقعات بأن إدارة الرئيس القادم قد تتبنى سياسات داعمة للنمو الاقتصادي، مما يزيد من احتمالات تثبيت أو حتى رفع أسعار الفائدة مستقبلًا، وهو ما يؤثر سلبًا على أسعار الذهب.
توقعات المحللين واستراتيجيات المستثمرين
يرى كبار المحللين، مثل تيم ووترر من “كيه سي إم تريد”، أن الذهب قد خسر بعض الزخم لصالح الدولار، خاصة بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية. وتتوقع الأسواق أن سياسات الرئيس المنتخب قد تعزز من استقرار الدولار على المدى المتوسط، في حين يمكن أن يتسبب ارتفاع التضخم في تأخير خفض الفائدة.
البيانات الاقتصادية الأمريكية وتأثيرها المتوقع
يراقب المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية الأمريكية المقررة هذا الأسبوع، والتي تشمل مؤشر أسعار المستهلك، مؤشر أسعار المنتجين، وبيانات مبيعات التجزئة. يُعتقد أن أي تراجع في معدلات التضخم قد يعزز من احتمالات خفض الفائدة، مما قد يدفع بأسعار الذهب نحو الانتعاش مرة أخرى.
توقعات الأسعار على المدى القريب
أشار المحلل الفني لدى “رويترز”، وانج تاو، إلى أن الذهب قد يتوجه نحو مستويات 2566-2588 دولارًا للأوقية إذا كسر الدعم عند 2610 دولارات. ويبدو أن هذا التوقع تحقق بالفعل، حيث هبطت أسعار الذهب الفورية أدنى 2610 دولار. ولكن على الرغم من هذا الهبوط الحاد، تظل هناك فرصة لتصحيح الاتجاه نحو الصعود إذا فقد الدولار بعض من قوته.
معطيات الأسواق الآن
أغلقت عقود الذهب الآجلة يوم أمس الاثنين على أكبر انخفاض يومي لها في أكثر من ثلاث سنوات، متأثرة بقوة الدولار. تراجعت عقود الذهب الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 2.9%، بينما انخفضت العقود الفورية بنسبة 0.8% لتصل إلى 2598 دولارًا للأوقية. كما شهدت المعادن الأخرى تراجعات مماثلة، إذ انخفضت الفضة والبلاتين والبلاديوم بنسب تتراوح بين 0.9% و1%.
في الختام، يبدو أن أسعار الذهب ستظل تحت ضغط طالما استمر الدولار في قوته، إلا أن أي إشارات لتخفيف السياسات النقدية من الفيدرالي قد تمنح الذهب بعض الزخم للصعود مجددًا.