ارتفاع تاريخي لأسعار الذهب : سجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا تاريخيًا جديدًا يوم الجمعة، متجاوزة جميع مستوياتها السابقة، مدفوعةً بضعف الدولار وتوقعات قوية لخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. في الوقت ذاته، شهدت الأسواق ارتفاعًا حادًا في أسعار البلاديوم، حيث سجل زيادة بنحو 15% منذ بداية الأسبوع، مما يعكس تصاعد الطلب والمخاوف المتعلقة بالتوريد.
تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته خلال أسبوع، مما جعل الذهب أكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى. هذا الانخفاض في قيمة الدولار يعزز عادة من جاذبية الأصول الثمينة مثل الذهب التي تُستخدم كملاذ آمن ضد التقلبات الاقتصادية، خاصةً في ظل ضعف العائدات على الأصول المالية الأخرى.
جاء هذا الارتفاع الحاد في أسعار الذهب بعد صدور بيانات أمريكية هامة، حيث أعلنت وزارة العمل عن تباطؤ معدل التضخم السنوي لأسعار المنتجين إلى 1.7% في أغسطس مقارنة بـ 2.1% في يوليو، مسجلًا أدنى مستوى له منذ فبراير الماضي. هذا التباطؤ في التضخم يعزز توقعات المستثمرين بخفض الفائدة الأمريكية، مما يزيد من دعم الذهب باعتباره استثمارًا آمنًا.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت بيانات أخرى عن ارتفاع طفيف في عدد طلبات إعانة البطالة الأولية بمقدار ألفي طلب لتصل إلى 230 ألفًا في الأسبوع المنتهي في السابع من سبتمبر، وهو مستوى أعلى بقليل مما كان متوقعًا (225 ألف طلب). هذا الارتفاع في البطالة يعزز المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي ويزيد من الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي للبدء في دورة تخفيف نقدي.
علق تيم ووترر، كبير محللي السوق في KCM Trade، قائلاً: “بغض النظر عن حجم الخفض الأولي لأسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي، يبدو أننا على أعتاب دخول دورة تخفيف نقدي طويلة. هذا السيناريو مثالي للأصول التي لا تدر عائدًا، مثل الذهب”.
على صعيد آخر، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الوقت قد يكون مناسبًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي للبدء في تلك الدورة المنتظرة، نظرًا لتراجع المخاطر المتعلقة بالتضخم. ووفقًا لأداة متابعة الفائدة الأمريكية المتاحة على إنفستنغ السعودية، تتوقع الأسواق حاليًا احتمالية بنسبة 43% لخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع 18 سبتمبر، بينما تبلغ احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس حوالي 57%.
وفي سياق مشابه، يترقب المستثمرون أيضًا بيانات معنويات المستهلك الأمريكي، المتوقع صدورها لاحقًا اليوم، للحصول على مزيد من الدلائل حول مستقبل أسعار الفائدة وسياسات البنك المركزي.
أداء الذهب عند التسوية
خلال تعاملات يوم الخميس، عززت أسعار الذهب مكاسبها مع تقييم المستثمرين للبيانات الاقتصادية الأمريكية، بينما قام البنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهو ما كان متوقعًا. وقد أغلق الذهب في تداولات العقود الآجلة تسليم ديسمبر بزيادة نسبتها 1.5% أو 38.2 دولار، ليصل إلى 2580.60 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى يسجله الذهب منذ بداية العام الجاري، والمستوى القياسي الثالث والثلاثين لعام 2023.
أداء الذهب والدولار الآن
سجل الذهب الفوري ارتفاعًا بنسبة 0.2% ليصل إلى 2565 دولارًا للأوقية، بعد أن لامس مستوى قياسي جديد عند 2567.93 دولار في وقت سابق من الجلسة. وقد ارتفع الذهب بنسبة 2.7% خلال هذا الأسبوع، مستفيدًا من العوامل الاقتصادية المحيطة.
أما العقود الآجلة للذهب، فقد زادت بنسبة 0.5% لتصل إلى 2593.40 دولارًا. في المقابل، استمر مؤشر الدولار في التراجع، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 0.21% إلى 101.13 نقطة.
أداء المعادن الأخرى
من جهة أخرى، ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 0.1% إلى 29.93 دولارًا للأوقية، بينما سجل البلاتين زيادة بنحو 1% ليصل إلى 986.60 دولارًا. ويتجه كلا المعدنين لتحقيق مكاسب أسبوعية.
البلاديوم، الذي شهد أداءً قويًا، ارتفع بنسبة 0.16% ليصل إلى 1048.06 دولار. ويبدو أنه يتجه نحو تسجيل أفضل أسبوع له منذ ديسمبر 2023، مدعومًا بمخاوف تتعلق بقيود التصدير. حيث أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء إلى أن موسكو قد تفكر في فرض قيود على صادرات مواد استراتيجية مثل اليورانيوم والتيتانيوم والنيكل، كرد فعل على العقوبات الغربية.
التوقعات المستقبلية
مع استمرار الضغوط على الأسواق العالمية وتزايد التوترات الجيوسياسية، يبدو أن الذهب سيظل في موقع الصدارة كملاذ آمن، في حين أن المعادن الأخرى قد تستفيد من نفس العوامل التي تدفع الذهب للصعود.