تحليل تأثير بيانات التضخم وسوق العمل على قرارات الفيدرالي الأمريكي : في أغسطس، أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) ارتفاعًا طفيفًا فاق التوقعات، حيث ارتفع بنسبة 0.2% على أساس شهري و1.7% على أساس سنوي. تأتي هذه الأرقام بعد صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) لشهر أغسطس، الذي جاء متماشياً مع توقعات الاقتصاديين، مما يعزز الرؤية بأن الضغوط التضخمية في الاقتصاد لا تزال تحت السيطرة، لكنها تحتاج إلى مراقبة دقيقة في ضوء التغيرات الاقتصادية المستمرة.
وفي سياق آخر، كشفت البيانات عن ارتفاع طفيف في طلبات إعانة البطالة الأولية، حيث زادت بمقدار ألفي طلب لتصل إلى 230 ألفًا في الأسبوع المنتهي في السابع من سبتمبر، مقارنة مع توقعات سابقة كانت تشير إلى 225 ألف طلب. يُذكر أن القراءة المعدلة للأسبوع السابق أظهرت زيادة بمقدار ألف طلب لتصل إلى 228 ألفًا، مما يعكس بعض التقلبات في سوق العمل التي قد تؤثر على التوقعات الاقتصادية المستقبلية.
وفي ظل هذه البيانات، يقوم المتداولون بتقييم توقعاتهم بشأن الخطوات المقبلة للاحتياطي الفيدرالي. تشير أحدث تقديرات أداة متابعة الفائدة الأمريكية المتاحة على منصة “إنفستنغ السعودية” إلى وجود احتمال بنسبة 43% لخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) المزمع عقده في 18 سبتمبر، بينما تُظهر التوقعات نسبة 57% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. هذه الأرقام تعكس انقسامًا في توقعات السوق حيال حجم الخطوة التالية التي قد يتخذها الاحتياطي الفيدرالي، وسط بيئة اقتصادية تتسم بالتقلب وعدم اليقين.
وينتظر المستثمرون صدور بيانات معنويات المستهلك الأمريكي (الأولية) في وقت لاحق اليوم، حيث ستوفر هذه البيانات نظرة أعمق حول التوقعات المتعلقة بأسعار الفائدة. وتعد معنويات المستهلك مؤشرًا مهمًا يعكس مدى الثقة في الاقتصاد، ويؤثر على قرارات السياسة النقدية المستقبلية.
في مقابلة مع “ياهو فاينانس”، ناقش الخبراء براين زيتل، المدير الإداري الأول والشريك في مجموعة “باهنسن”، وعُمير شريف، رئيس “إنفليشن إنسايتس”، كيف يمكن لهذه البيانات أن تؤثر على قرار الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل. يتفق الاثنان على أن خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس قد يكون الخيار المرجح في ظل الظروف الحالية. ويرى شريف أن البيانات الاقتصادية، وخاصة بيانات مؤشر أسعار المنتجين، تشير إلى “ضغوط ضعيفة في سلسلة الإمداد”، مما يخفف بعض القلق بشأن التضخم المفرط. ويضيف أن هذا المزيج من بيانات أسعار المنتجين والمستهلكين “يعتبر انعكاسًا لما نراه في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE)”، وهو المقياس المفضل لدى الفيدرالي لتتبع التضخم.
ويرى شريف أيضًا أن خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس قد يكون ممكنًا، مشيرًا إلى أن هذا التحرك قد يساعد في تسهيل الهبوط الاقتصادي السلس. من جانبه، يعبر زيتل عن رغبته في خفض أكبر، لكنه يشير إلى أن الفيدرالي قد لا يمضي قدمًا في هذا الاتجاه. وبرغم ذلك، يعتقد أن خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس سيكون له تأثير إيجابي على سوق السندات، التي تنتظر بشدة هذا النوع من التحرك. ويضيف زيتل أن خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس فقط قد لا يكون له تأثير كبير في ظل سعر الفائدة الحالي الذي يبلغ 5.25%.
وفي النهاية، يعرب شريف عن اعتقاده بأن خفضًا كبيرًا في الفائدة سيسهم في تحقيق هبوط سلس للاقتصاد الأمريكي. ويشدد على أهمية البدء بالتحرك المبكر لتفادي أي “فشل في اللحظة الأخيرة”، مشيرًا إلى أن السياسة النقدية تعمل بفترات زمنية متفاوتة، مما يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة لضمان استقرار الاقتصاد على المدى الطويل.
هذه المناقشات تعكس الاهتمام المتزايد بكيفية تفاعل الاحتياطي الفيدرالي مع البيانات الاقتصادية الحالية، وما إذا كان سيتمكن من تحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم في المرحلة المقبلة.