عائدات الاحتيال بالعملات الرقمية تسجل أرقاما قياسية مع انتشار “ذبح الخنازير” واستغلال الذكاء الاصطناعي

admin14 فبراير 2025آخر تحديث :
عائدات الاحتيال بالعملات الرقمية

حذّرت شركة أبحاث البلوكشين “تشين أناليسيس” (Chainalysis) من تصاعد عائدات الاحتيال بالعملات الرقمية إلى مستويات غير مسبوقة خلال العام الماضي، مدفوعةً بزيادة انتشار عمليات الاحتيال العاطفي المعروفة باسم “ذبح الخنازير”. وأشارت الشركة في تقريرها الصادر يوم الخميس إلى أن مجرمي الإنترنت أصبحوا أكثر تنظيمًا، مستغلين تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات الاحتيال.

ارتفاع غير مسبوق في عائدات الاحتيال

وفقًا لتقديرات “تشين أناليسيس” الأولية، تلقت المحافظ الرقمية المرتبطة بعمليات الاحتيال نحو 9.9 مليار دولار من العملات المشفرة خلال عام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى مستوى قياسي يبلغ 12.4 مليار دولار بمجرد تحديد المزيد من المحافظ الاحتيالية. كما أشارت البيانات إلى أن عائدات الاحتيال السنوية شهدت ارتفاعًا بمعدل 24% سنويًا منذ عام 2020، ما يعكس تصاعدًا مستمرًا في هذه الأنشطة الإجرامية.

“ذبح الخنازير”: الاحتيال العاطفي في أوج انتشاره

تُعد عمليات “ذبح الخنازير” أحد العوامل الرئيسية وراء هذه الزيادة، وهي شكل من أشكال الاحتيال العاطفي أو الاستثماري، حيث يقوم المحتالون ببناء علاقات زائفة مع الضحايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة، بهدف استدراجهم للاستثمار في فرص وهمية. وجاءت التسمية من النهج الذي يعتمده المحتالون، إذ يعملون على كسب ثقة الضحايا وإغرائهم بالأوهام قبل الاستيلاء على أموالهم.

في عام 2024، قفزت عائدات هذه العمليات بنسبة 40% على أساس سنوي، في حين ارتفع عدد المعاملات المالية المرتبطة بها بنسبة 210%، مما يشير إلى توسع قاعدة الضحايا، حيث يتم استهداف عدد أكبر من الأفراد بمبالغ أصغر لكل منهم.

مراكز الاحتيال تتوسع جغرافيًا

بينما كانت معظم عمليات “ذبح الخنازير” تنطلق سابقًا من مجمعات احتيالية ضخمة في جنوب شرق آسيا، كشف تقرير “تشين أناليسيس” عن انتشار هذه الأنشطة في مناطق جغرافية أخرى. على سبيل المثال، أعلنت وكالة مكافحة الفساد النيجيرية في ديسمبر الماضي عن اعتقال 792 شخصًا يشتبه في تورطهم في عمليات احتيال عاطفي استهدفت ضحايا من أوروبا والأمريكتين.

الاحتيال المنظم واستغلال ضحايا الاتجار بالبشر

أشارت تحقيقات سابقة إلى أن عمليات الاحتيال العاطفي تعتمد في بعض الأحيان على ضحايا الاتجار بالبشر الذين يُجبرون على تنفيذ عمليات الاحتيال الإلكتروني تحت التهديد بالعنف. وأكد إريك هاينتز، المحلل في “إنترناشونال جاستس ميشن”، أن المجمعات الاحتيالية لا تُستخدم فقط في عمليات “ذبح الخنازير”، بل تضم شبكات احتيال إلكتروني متخصصة في مختلف المجالات.

دور “هويون غارنتي” في تمكين الاحتيال الرقمي

ساهمت المنصات الرقمية غير المشروعة، مثل “هويون غارنتي” (Huione Guarantee)، في تسهيل عمليات الاحتيال عبر الإنترنت. وتُستخدم هذه المنصة، المرتبطة بمجموعة “هويون” الكمبودية، كسوق إلكترونية تتيح للمحتالين شراء وبيع أدوات وتقنيات الاحتيال، بما في ذلك خدمات غسيل الأموال واستضافة المواقع وقواعد بيانات الضحايا. وقد تلقت الشركات التي تقدم هذه الخدمات ما لا يقل عن 375.9 مليون دولار من العملات المشفرة في عام 2024.

منذ عام 2021، عالجت منصة “هويون غارنتي” والشركات المتعاملة معها معاملات بقيمة 70 مليار دولار بالعملات الرقمية، ما يبرز دورها المحوري في ازدهار النشاط الاحتيالي الرقمي.

الذكاء الاصطناعي يعزز عمليات الاحتيال

أصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً رئيسيًا في تطور عمليات الاحتيال، حيث شهد بعض كبار البائعين على منصة “هويون غارنتي” نموًا في الإيرادات بنسبة 1,900% خلال عام 2024. ويساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تسهيل عمليات الاحتيال المالي، من خلال إنشاء محتوى مزيف وإعلانات ومواقع إلكترونية تبدو حقيقية لخداع الضحايا.

وأوضح إيلاد فوكس، رئيس منتجات مكافحة الاحتيال في “تشين أناليسيس”، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يُضاعف عمليات الاحتيال المالي، عبر إنشاء مواقع إلكترونية وإعلانات مزيفة لدعم عمليات الاحتيال الاستثمارية وعمليات الشراء الوهمية. كما تُباع خدمات متقدمة، مثل تغيير الوجوه باستخدام الذكاء الاصطناعي، بأسعار تبدأ من 200 دولار بالعملات الرقمية.

مخاطر متزايدة وجهود مكثفة لمكافحة الاحتيال

أدى انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي منذ عام 2022 إلى خسائر بملايين الدولارات للشركات الكبرى، نتيجة الاحتيال القائم على تقنيات التزييف العميق (Deepfake). وخلص تقرير “تشين أناليسيس” إلى أن التطور المتسارع لهذه التقنيات يزيد من تعقيد جهود مكافحة الاحتيال، مؤكدةً أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تنسيقًا مستدامًا بين الحكومات والمنظمات المختصة والجهات التنظيمية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.