شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تداولات يوم الجمعة، لتواصل مكاسبها للأسبوع السابع على التوالي، مدفوعة بتصاعد المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط لفرض تعريفات جمركية متبادلة على الدول التي تفرض ضرائب على الواردات الأمريكية.
ترامب يشعل قلق الأسواق بقراراته التجارية
في خطوة أثارت قلق المستثمرين، وجه الرئيس الأمريكي فريقه الاقتصادي إلى وضع خطط لفرض رسوم جمركية مماثلة على الدول التي تفرض ضرائب على المنتجات الأمريكية، ومن بينها الصين والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية.
وأشار “أجاي كيديا”، مدير شركة Kedia Commodities في مومباي، إلى أن هذه الخطوة كانت العامل الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الذهب هذا الأسبوع، حيث أدت إلى تفاقم المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية المحتملة لحرب تجارية موسعة، والتي قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.
وأضاف كيديا أن السوق تعاني من حالة “تشبع شرائي طفيف”، وهو ما قد يدفع بعض المستثمرين إلى جني الأرباح على المدى القصير، خاصة مع اقتراب الذهب من حاجز 3,000 دولار للأوقية.
التضخم الأمريكي يواصل التسارع ويضغط على قرارات الفائدة
جاءت بيانات اقتصادية حديثة لتعزز من توجهات المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن، حيث كشفت أرقام مؤشر أسعار المنتجين (PPI) يوم الخميس عن ارتفاع ملحوظ خلال شهر يناير، مما عزز التوقعات بأن التضخم في الولايات المتحدة لا يزال في تصاعد مستمر.
وكان تقرير التضخم الصادر يوم الأربعاء قد أظهر أن أسعار المستهلكين ارتفعت بأسرع وتيرة منذ عام ونصف، مما زاد من احتمالية إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على سياسته النقدية المشددة لفترة أطول.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن فرص خفض أسعار الفائدة قبل النصف الثاني من العام باتت ضعيفة، وهو ما يحدّ نسبيًا من مكاسب الذهب، نظرًا لأن ارتفاع الفائدة يقلل من جاذبية الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب.
عوامل قد تؤدي إلى تقلبات الذهب
على الرغم من الاتجاه الصعودي للذهب مؤخرًا، إلا أن بعض العوامل قد تؤدي إلى تراجعه خلال الفترة المقبلة، وفقًا لما أشار إليه “إيليا سبيفاك”، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في Tastylive. ومن بين هذه العوامل:
- تحقيق تقدم في المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
- انحسار التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا أو إسرائيل وحماس.
- صدور بيانات اقتصادية أمريكية قوية تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى استبعاد خفض الفائدة هذا العام.
لكن رغم هذه العوامل المحتملة، يرى الخبراء أن تأثيرها الفعلي على الأسواق لا يزال محدودًا على المدى القريب، ما يدعم استمرار الاتجاه الصعودي للذهب.
أداء الذهب في الأسواق
خلال تعاملات الخميس، سجلت أسعار الذهب مكاسب ملحوظة مع تصاعد المخاوف التجارية، حيث ارتفعت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أبريل بنسبة 0.55%، لتصل إلى 2,945.40 دولار للأوقية، وهو مستوى قياسي جديد.
أما الذهب الفوري، فقد سجل ارتفاعًا بنسبة 0.15% ليصل إلى 2,933 دولارًا للأوقية، بعدما بلغ أعلى مستوى له عند 2,942.70 دولارًا يوم الثلاثاء.
الدولار يتراجع وسط ضغوط الأسواق
على الجانب الآخر، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.33%، ليستقر عند 106.87 نقطة، مما ساهم في دعم أسعار الذهب، إذ إن انخفاض قيمة الدولار يجعل المعدن النفيس أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى.
نظرة مستقبلية
مع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق، يظل الذهب ملاذًا آمنًا رئيسيًا للمستثمرين، خصوصًا مع تزايد المخاوف من الحرب التجارية وتصاعد التضخم. ومن المرجح أن تظل الأنظار مركزة على قرارات الاحتياطي الفيدرالي والتطورات الجيوسياسية، والتي ستحدد اتجاه الذهب في الأسابيع المقبلة.