شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا ملحوظًا يوم الجمعة، متجهًا نحو تكبد خسارة أسبوعية كبيرة بعد صدور بيانات تضخم قوية، تزامنًا مع تأجيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية متبادلة على الشركاء التجاريين الرئيسيين. وقد أدى ذلك إلى ضغوط بيعية على العملة الأمريكية، وسط حالة من الترقب في الأسواق العالمية.
ضعف الدولار وتداعيات تأجيل الرسوم الجمركية
بحلول الساعة 04:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (09:00 بتوقيت غرينتش)، تراجع مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية – بنسبة 0.4% ليصل إلى 106.815، وهو أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع. بذلك، يتجه المؤشر إلى خسارة أسبوعية تقترب من 1%، مما يعكس تزايد الضغوط على الدولار.
جاءت هذه الخسائر بعد أن أصدر الرئيس ترامب توجيهاته للمسؤولين لإعداد خطط لفرض رسوم جمركية انتقامية ضد الدول التي تفرض ضرائب على الصادرات الأمريكية. إلا أن عدم اتخاذ قرار فوري بهذا الشأن أثار حالة من عدم اليقين، ودفع الأسواق إلى توقع إمكانية التوصل إلى اتفاقيات تفاوضية مع الشركاء التجاريين، وهو ما انعكس سلبًا على قوة الدولار.
وأشارت مذكرة صادرة عن ING إلى أن الأسواق كانت تتوقع إعلانًا رسميًا بشأن الرسوم الجمركية هذا الأسبوع، إلا أن تأجيل القرار أدى إلى حالة من الارتياح، مما زاد من ضعف العملة الأمريكية.
التركيز على محادثات ميونيخ وتأثيرها على الأسواق
في الوقت الذي يتراجع فيه الدولار، تتجه أنظار المستثمرين نحو اجتماع القوى الغربية في ميونيخ، حيث من المتوقع أن تتم مناقشة فرص تحقيق السلام بين أوكرانيا وروسيا. ويرى بعض المحللين أن أي بوادر انفراج دبلوماسي قد تزيد من الضغوط على الدولار، إذ تعزز حالة التفاؤل بشأن الاستقرار الجيوسياسي الطلب على العملات المنافسة مثل اليورو والجنيه الإسترليني.
وأوضح المحللون أن الأسواق تترقب أيضًا تقارير مبيعات التجزئة الأمريكية لشهر يناير، والتي من المتوقع أن تكون ضعيفة بسبب تأثير الظروف الجوية السيئة. وعلى الرغم من ارتفاع مؤشرات التضخم هذا الأسبوع، إلا أن الأسواق تظل حذرة في تفسير تلك البيانات، لا سيما مع تبني الاحتياطي الفيدرالي نهجًا حذرًا تجاه أي قرارات إضافية بشأن خفض أسعار الفائدة.
اليورو يحقق مكاسب مقابل الدولار
في الأسواق الأوروبية، شهد اليورو (EUR/USD) ارتفاعًا بنسبة 0.2% ليصل إلى 1.0484، وهو أعلى مستوى له في أسبوعين، مدعومًا بالتفاؤل المحيط بمحادثات السلام المحتملة في أوكرانيا.
ويرى المحللون أن هذا الزخم الصعودي قد يدفع اليورو نحو مستويات تتراوح بين 1.0535 – 1.0575، ولكن الاتجاه العام لا يزال يميل إلى الهبوط، حيث تتوقع الأسواق أن يعود الزوج إلى الضغط على مستوى 1.00 بحلول الربع الثاني من العام.
من جانب آخر، تصدر في وقت لاحق أحدث تقديرات النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو، والتي من المتوقع أن تُظهر استقرار الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي، مع تحقيق نمو سنوي بنسبة 0.9% فقط، مما يعكس التحديات التي تواجهها الاقتصادات الأوروبية.
أما على صعيد البيانات الألمانية، فقد أظهرت تقارير يوم الجمعة أن أسعار الجملة ارتفعت بنسبة 0.9% في يناير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مما يعكس استمرار الضغوط التضخمية في أكبر اقتصاد أوروبي.
الجنيه الإسترليني والين الياباني يواصلان الارتفاع
شهد الجنيه الإسترليني (GBP/USD) أيضًا ارتفاعًا بنسبة 0.3% ليصل إلى 1.2587، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل يناير، مدعومًا ببيانات أظهرت نمو الاقتصاد البريطاني بشكل غير متوقع في الربع الأخير من العام الماضي، مما عزز الثقة في العملة البريطانية.
وفي آسيا، استمر الين الياباني (USD/JPY) في إظهار قوته، حيث انخفض الدولار بنسبة 0.2% ليصل إلى 152.52 ين، مدعومًا بتزايد الرهانات على احتمال قيام بنك اليابان برفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
أما في الصين، فقد ظل اليوان الصيني (USD/CNY) مستقرًا عند 7.2898 ين، بعد أن تراجع الزوج من مستوى 7.3 ين، في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
نظرة مستقبلية على الأسواق
مع استمرار ضعف الدولار، تظل الأسواق في حالة من الترقب لعدة عوامل رئيسية، أبرزها مسار السياسة النقدية الأمريكية، وتطورات المحادثات الجيوسياسية، وأداء الاقتصاد العالمي في ظل حالة عدم اليقين التي تخيم على المشهد الاقتصادي الدولي.