شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا خلال تعاملات اليوم الخميس، في ظل استمرار ترقب الأسواق لتداعيات خطط الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، والتي قد تساهم في تصعيد الحرب التجارية العالمية. يأتي هذا الارتفاع وسط حالة من الترقب لبيانات اقتصادية أميركية مرتقبة من المتوقع أن تلقي بظلالها على توجهات الأسواق خلال الفترة المقبلة.
وفي خطوة أثارت قلق المستثمرين، صرح ترامب بأنه يعتزم فرض رسوم جمركية مماثلة على جميع الدول التي تفرض ضرائب على الواردات الأميركية، ما زاد من المخاوف بشأن تفاقم التوترات التجارية العالمية. وقد تؤدي هذه الإجراءات إلى تسريع وتيرة التضخم في الولايات المتحدة، الأمر الذي يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
الذهب كملاذ آمن وسط التوترات التجارية
وفقًا لياب جون رونغ، المحلل الاستراتيجي في “IG ماركت”، لا يزال الذهب يلعب دورًا محوريًا كوسيلة للتحوط من المخاطر، لا سيما في ظل حالة الضبابية التي تخيم على الأسواق. وأوضح أن المستثمرين يسعون إلى تقليل تقلبات محافظهم الاستثمارية عبر اللجوء إلى الأصول الآمنة، وهو ما يفسر الدعم المتزايد لأسعار المعدن النفيس.
وكانت أسعار الذهب قد تعرضت لتراجع بأكثر من 1% يوم الأربعاء، عقب صدور بيانات أظهرت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي بأكثر من المتوقع خلال يناير. وقد عززت هذه البيانات وجهة نظر مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يواصل تبني نهج حذر بشأن خفض أسعار الفائدة، إذ يبدو أنه ليس في عجلة من أمره لتيسير السياسة النقدية.
إلا أن الذهب تمكن من استعادة زخمه سريعًا، مدعومًا باستمرار حالة عدم اليقين المحيطة بالحرب التجارية، مما عزز الطلب على المعدن الأصفر كوسيلة للتحوط.
الأسواق تترقب بيانات التضخم الأميركية
على الرغم من ارتفاع التضخم الأميركي بأكثر من التوقعات، فإن الأسواق تتجاهل هذه البيانات إلى حد كبير، وفقًا لياب جون رونغ. وأوضح أن تقرير مؤشر أسعار المنتجين (PPI) القادم قد يكون له تأثير أقل على معنويات المستثمرين، نظرًا لأن التوقعات بشأن أسعار الفائدة أصبحت مستقرة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول.
وتنتظر الأسواق صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) في تمام الساعة 16:30 بتوقيت الرياض، والتي قد توفر إشارات إضافية حول توجهات التضخم والسياسة النقدية في الولايات المتحدة.
وخلال شهادته أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي، أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن البنك المركزي لم ينتهِ بعد من معركته ضد التضخم، مشيرًا إلى أن أي تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة ستظل قيد المراجعة حتى يتم التأكد من عودة التضخم إلى مستهدفه البالغ 2%.
أداء الذهب والدولار في الأسواق
مع ختام تعاملات يوم الأربعاء، تراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم أبريل بنسبة 0.15%، أو ما يعادل 3.9 دولار، لتصل إلى 2,928.70 دولار للأوقية. وجاء هذا التراجع نتيجة عمليات جني الأرباح، حيث قام المستثمرون بتقييم البيانات الاقتصادية الأخيرة التي أظهرت تسارع التضخم الأميركي.
إلا أن الذهب استعاد زخمه في تعاملات اليوم، حيث ارتفع السعر الفوري بنسبة 0.6% ليصل إلى 2,922.29 دولار للأوقية، مقتربًا من أعلى مستوى قياسي له عند 2,942.70 دولار، والمسجل يوم الثلاثاء الماضي. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.7% لتصل إلى 2,949.30 دولار.
على الجانب الآخر، شهد مؤشر الدولار الأميركي تراجعًا بنسبة 0.33% ليصل إلى 107.46 نقطة، مما ساهم في دعم أسعار الذهب، إذ يؤدي انخفاض الدولار إلى جعل المعدن النفيس أكثر جاذبية لحائزي العملات الأخرى.
تواصل أسعار الذهب التحرك في نطاق صاعد مدفوعة بالمخاوف التجارية العالمية، والتوترات المتعلقة بالرسوم الجمركية الأميركية، إلى جانب حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. ومع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأميركية، يظل الذهب الملاذ الآمن الأكثر جاذبية وسط تقلبات الأسواق العالمية.
