شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا قويًا في تداولات اليوم، حيث تجاوز مؤشره مستوى 108.30 مسجلًا زيادة بنسبة 0.49%، في ظل استمرار الضغوط التضخمية التي دفعت المستثمرين إلى توقع مزيد من التشديد النقدي من جانب الاحتياطي الفيدرالي. وأظهرت البيانات أن التضخم في الولايات المتحدة سجل ارتفاعًا على الأساسين الشهري والسنوي، مع زيادة 0.50% على أساس شهري، مما عزز التكهنات بإبقاء الفيدرالي على نهجه المتشدد في السياسة النقدية.
ورغم تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي شدد فيها على ضرورة خفض أسعار الفائدة لمواكبة سياسات التعريفات الجمركية ودعم الاقتصاد الأمريكي، إلا أن الدولار لم يتأثر سلبًا، بل استمر في تحقيق مكاسبه.
استقرار الدولار قبل صدور بيانات التضخم الرئيسية
استقر الدولار الأمريكي خلال تداولات الأربعاء قبل إصدار بيانات التضخم الرئيسية، والتي من المتوقع أن تلعب دورًا محوريًا في توجيه السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة المقبلة. وتأتي هذه التطورات بعد تصريحات متشددة من رئيس الفيدرالي جيروم باول، الذي أكد أن البنك المركزي لا يحتاج إلى التسرع في تعديل سياسته النقدية.
وفي تمام الساعة 14:20 بتوقيت الرياض، سجل مؤشر الدولار 107.770 مقابل سلة من العملات، متراجعًا عن أعلى مستوى له في الأسبوع عند 108. وفي أسواق الصرف، ارتفع اليورو/دولار بنسبة 0.2% ليصل إلى 1.0383، بينما واصل الدولار مكاسبه أمام الين الياباني، حيث ارتفع بنسبة 0.7% ليصل زوج الدولار/ين إلى 153.55.
ترقب الأسواق لبيانات التضخم وتأثيرها على الفيدرالي
تركز الأسواق هذا الأسبوع على بيانات التضخم الأمريكية، حيث يتوقع المحللون أن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعًا بنسبة 2.9% على أساس سنوي لشهر يناير، وهو ما يعادل وتيرة الارتفاع في ديسمبر الماضي. وعلى الأساس الشهري، يتوقع أن يتباطأ معدل التضخم إلى 0.3% من 0.4% في الشهر السابق.
أما مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد الغذائية والطاقة، فمن المتوقع أن يتراجع إلى 3.1% من 3.2% على أساس سنوي، مع تسارع طفيف إلى 0.3% من 0.2% على أساس شهري. وتعتبر هذه القراءة ذات أهمية كبيرة كونها تأتي قبل أن تظهر أي آثار مباشرة للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب مؤخرًا.
تصاعد الجدل حول سياسات ترامب وتأثيرها على التضخم
يرى المحللون في ING أن الإجراءات التجارية التي اتخذها ترامب، وخاصة التعريفات الجمركية الجديدة، قد تساهم في رفع التضخم، مما قد يحد من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تخفيف السياسة النقدية. وأشار تقرير صادر عن البنك إلى أن الأسواق تعيش حالة من الضبابية بسبب التقلبات السياسية، حيث أصبح من الصعب التوصل إلى استنتاجات واضحة حول الاتجاهات الاقتصادية المستقبلية.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ إلى أن الفيدرالي لا يتعجل تغيير سياسته النقدية، ما يعني أن توقعات خفض أسعار الفائدة لا تزال غير مؤكدة.
تحركات العملات الرئيسية وتأثيرات السياسة النقدية
اليورو/دولار: ارتفع اليورو بنسبة 0.1% ليصل إلى 1.0371، رغم البيانات السلبية من منطقة اليورو، حيث أظهرت البيانات انخفاض الإنتاج الصناعي الإيطالي بنسبة 3.1% في ديسمبر. ومع ذلك، لا يزال التفاؤل بشأن تعافي اليورو محدودًا، وسط توقعات بأن البنك المركزي الأوروبي قد يخفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس أخرى خلال العام الجاري لدعم الاقتصاد.
الإسترليني/دولار: ارتفع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار إلى 1.2443، بعد تراجعه الحاد عقب قرار بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي.
الدولار/ين: في الأسواق الآسيوية، سجل الدولار مكاسب قوية مقابل الين الياباني، حيث ارتفع بنسبة 0.8% ليصل إلى 153.68. وجاء هذا التراجع الحاد للين بعد أن أبدى محافظ بنك اليابان كازو أويدا نبرة أقل تشددًا، مؤكدًا أن البنك المركزي سيواصل استهداف التضخم عند 2%.
ختام الأسواق وترقب المستثمرين
تتجه أنظار المستثمرين نحو بيانات مؤشر أسعار المستهلكين، حيث ستحدد إلى حد كبير مسار الفائدة خلال الأشهر المقبلة. وبينما لا يزال الاحتياطي الفيدرالي ملتزمًا بموقفه الحذر، فإن أي مفاجأة في بيانات التضخم قد تؤدي إلى تقلبات حادة في الأسواق المالية.
في ظل هذه المعطيات، تبقى التوقعات مفتوحة، حيث يترقب المستثمرون أي إشارات جديدة من الفيدرالي أو البيت الأبيض قد تؤثر على مسار الدولار والاقتصاد الأمريكي ككل.