تباطأ معدل التضخم السنوي في تركيا خلال شهر يناير، لكنه لا يزال أعلى من التقديرات السابقة، في حين شهدت الأسعار ارتفاعًا شهريًا بوتيرة أسرع من المتوقع، مما يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية على الأسواق المحلية.
التضخم يواصل مساره المرتفع
وفقًا لبيانات معهد الإحصاء التركي (TurkStat) الصادرة يوم الاثنين، تراجع معدل التضخم السنوي إلى 42.1% في يناير، منخفضًا عن مستوى 44.4% المسجل في ديسمبر. غير أن هذا الانخفاض جاء أقل من المتوقع، حيث كانت تقديرات المحللين الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم تشير إلى انخفاض أكثر حدة عند 41.1%.
أما على أساس شهري، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 5% خلال يناير، مقارنة بزيادة 1% في ديسمبر، متجاوزًا التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 4.3%. يعكس هذا التسارع في الأسعار استمرار الضغوط التضخمية التي تؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين وتحد من فاعلية السياسة النقدية للبنك المركزي.
السياسة النقدية والتوقعات المستقبلية
واصل البنك المركزي التركي نهجه في خفض أسعار الفائدة خلال يناير، مسجلًا الشهر الثاني على التوالي من التيسير النقدي. فقد خفض البنك سعر إعادة الشراء (الريبو) لأجل أسبوع بمقدار 250 نقطة أساس ليصل إلى 45%، في خطوة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي، رغم التحديات التضخمية.
ومن المنتظر أن يكشف محافظ البنك المركزي، فاتح قرة خان، عن تقرير التضخم في 7 فبراير، والذي من المتوقع أن يسلط الضوء على مستجدات السياسة النقدية وأحدث التوقعات لمعدل التضخم. ووفقًا لأحدث تقديرات البنك، يُتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 21% بحلول نهاية العام الجاري، وهو هدف يبدو طموحًا في ظل التحديات الراهنة.
الليرة التركية تحت ضغوط الأسواق العالمية
قبل صدور بيانات التضخم، شهدت الليرة التركية تراجعًا بنسبة 0.5% مقابل الدولار الأميركي، في أكبر انخفاض يومي لها منذ أواخر ديسمبر. وبعد صدور البيانات، استمرت العملة في التراجع لتصل إلى 36 ليرة مقابل الدولار، مسجلة أدنى مستوياتها التاريخية.
جاء هذا التراجع في سياق أوسع من ضعف عملات الأسواق الناشئة، عقب إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية جديدة على بعض الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وقد عزز هذا الإعلان مكاسب الدولار الأميركي، الذي سجل ارتفاعًا ملحوظًا أمام معظم العملات العالمية.
وفي ظل تصاعد التوترات التجارية وزيادة جاذبية الدولار كملاذ آمن، تراجع مؤشر العقود الآجلة للأسهم الأميركية والأوروبية، بينما سجلت العملات المشفرة انخفاضات حادة. كما شهد الدولار الكندي هبوطًا إلى أدنى مستوياته منذ 22 عامًا، في حين تراجعت عملات الأسواق الناشئة، مثل الروبية الهندية والبيزو المكسيكي، متأثرة بتداعيات السياسة التجارية الأميركية.
تداعيات أوسع على الأسواق المالية
انعكست هذه التطورات على الأسواق المالية العالمية، حيث شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات انخفاضًا طفيفًا، في حين استمر المستثمرون في البحث عن أصول أكثر أمانًا وسط حالة عدم اليقين المتزايدة. ومع استمرار هذه الضغوط، يبقى مستقبل السياسة النقدية التركية خاضعًا لموازنة دقيقة بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.