شهدت مبيعات التجزئة الأمريكية ارتفاعًا ملحوظًا خلال شهر ديسمبر، مما يشير إلى استمرار قوة الطلب في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يدعم نهج مجلس الاحتياطي الفيدرالي الحذر بشأن اتخاذ قرارات جديدة حول خفض أسعار الفائدة في العام الحالي.
وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.4% في ديسمبر، متجاوزة التوقعات السابقة. كما أظهرت مراجعات البيانات لشهر نوفمبر زيادة بنسبة 0.8%، مما يعكس تحسنًا في نشاط المستهلكين. وجاءت هذه النتائج بعد توقعات اقتصاديين بأن تسجل المبيعات ارتفاعًا بنسبة 0.6%، مما يعزز الثقة في أداء السوق المحلي.
هذا التحسن في مبيعات التجزئة يتزامن مع بيانات إيجابية أخرى، مثل ارتفاع الوظائف غير الزراعية وانخفاض معدل البطالة إلى 4.1%، مما يعكس تحسنًا عامًا في سوق العمل. ورغم التباطؤ في التضخم الأساسي خلال ديسمبر، سجلت أسعار المستهلكين أعلى زيادة لها خلال تسعة أشهر، مما يعزز المخاوف بشأن الضغوط التضخمية.
على صعيد السياسة النقدية، يتوقع الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مرتين فقط هذا العام، مقارنة بتوقعاته السابقة لأربعة تخفيضات في سبتمبر الماضي. يأتي هذا التغيير في التوقعات بسبب المخاطر المرتبطة بسياسات الإدارة الجديدة، التي تشمل فرض تعريفات جمركية، تخفيضات ضريبية، وخطط ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، والتي قد تكون لها آثار تضخمية على الاقتصاد.
وبالنسبة للقطاعات المرتبطة مباشرة بالنمو الاقتصادي، ارتفعت مبيعات التجزئة الأساسية، التي تستثني السيارات والغاز ومواد البناء والخدمات الغذائية، بنسبة 0.7% في ديسمبر، مما يعكس مساهمة قوية في الإنفاق الاستهلاكي. وقد دفع ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي يبلغ 2.7% في الربع الرابع، بعد أن سجل الاقتصاد نموًا بنسبة 3.1% في الربع الثالث، متجاوزًا معدل النمو غير التضخمي الذي يقدره مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي عند 1.8%.
وفي الأسواق المالية، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، حيث ارتفعت العقود الآجلة بنسبة 1% لتصل إلى 2746 دولارًا للأوقية، بينما سجلت العقود الفورية مكاسب بنسبة 0.76% لتصل إلى 2717 دولارًا للأوقية. وعلى الجانب الآخر، ارتفعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 0.11% لتصل إلى مستوى 109.03 نقطة، مما يعكس تفاعل الأسواق مع التطورات الاقتصادية الأخيرة.
تؤكد هذه المؤشرات الاقتصادية المتنوعة أن الاقتصاد الأمريكي يواصل إظهار مرونة قوية، مما يدفع صناع القرار في الاحتياطي الفيدرالي إلى تبني استراتيجية أكثر تحفظًا في إدارة السياسة النقدية، لتجنب المخاطر المحتملة على الاستقرار الاقتصادي.