سجلت أسعار القهوة العالمية قفزة تاريخية، حيث تجاوزت عقود البن الأمريكي حاجز 325 دولارًا، متخطية بذلك الرقم القياسي السابق البالغ 311 دولارًا والمسجل في عام 1977. يأتي هذا الارتفاع في ظل تقلبات سوقية حادة شهدت انخفاضًا كبيرًا في الأسعار إلى 38 دولارًا في عام 2001. ويتوقع الخبراء أن تصل تكلفة كوب القهوة الواحد إلى ما بين 10 و12 دولارًا في العام المقبل، مع استمرار الضغوط على أسعار حبوب البن بالجملة التي بلغت ذروتها في ديسمبر الماضي.
العوامل وراء ارتفاع الأسعار
مصادر القهوة وتأثيرها على السوق
تُعد البرازيل وفيتنام المصدرين الرئيسيين لحبوب القهوة عالميًا، حيث يهيمن بن “أرابيكا” على سوق المقاهي بفضل نكهته الفريدة، بينما تُستخدم حبوب “روبوستا” الأقل تكلفة على نطاق واسع في القهوة الفورية. ورغم أن “أرابيكا” يتميز بسعره الأعلى، إلا أن “روبوستا” شهد زيادة في حصته السوقية من 28% في 1990-1991 إلى 44% في 2021-2022.
في ديسمبر الماضي، ارتفعت أسعار “أرابيكا” إلى 3.47 دولار أمريكي للرطل، وهو أعلى مستوى منذ عام 1977. أما أسعار “روبوستا” فقد تضاعفت تقريبًا خلال عام 2024، نتيجة لجوء تجار التجزئة إلى بدائل أقل تكلفة.
تأثير الطقس وتغير المناخ
تغير المناخ يلعب دورًا رئيسيًا في اضطراب إنتاج القهوة. المناطق المرتفعة في البرازيل وفيتنام، التي تعتمد على أنماط مناخية محددة، عانت من موجات جفاف قاسية خلال العام الماضي، مما أدى إلى انخفاض كبير في المحصول. وتُحذر تانيا همفري، مديرة الأبحاث في مؤسسة “وورلد كوفي ريسيرش”، من أن الاعتماد على عدد محدود من الدول المنتجة يزيد من هشاشة سلسلة التوريد العالمية.
تحديات سلسلة التوريد وتأثيرها على التكاليف
وفقًا للبروفيسور فينه ثاي من جامعة RMIT، تأثرت تكاليف نقل حبوب البن بعوامل جيوسياسية مثل النزاعات الدولية واضطرابات الموانئ. كما ساهمت الإضرابات العمالية وازدحام الموانئ في زيادة تكاليف الاستيراد، مما أضاف مزيدًا من الضغط على الأسعار النهائية.
حلول مقترحة لمواجهة الأزمة
يرى الخبراء ضرورة تنويع مصادر إنتاج القهوة عبر الاستثمار في دول مثل إندونيسيا وكينيا والهند. كما يشددون على أهمية التركيز على الاستدامة وتطوير أبحاث زراعية تدعم المزارعين في مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية.
هل سنشهد كوب قهوة بقيمة 10 دولارات؟
رغم التوقعات بارتفاع الأسعار، يستبعد بعض أصحاب المقاهي وصول تكلفة الكوب إلى 10 دولارات قريبًا. يقول نيد، صاحب مقهى في ملبورن، إن زيادات الأسعار ستكون تدريجية ومحدودة، مشيرًا إلى أنه رفع الأسعار بنسبة 5% كل 18 شهرًا خلال السنوات الأخيرة. ويؤكد: “لا أعتقد أنني سأصل يومًا إلى تسعير الكوب بهذا الرقم”.
نظرة مستقبلية
بينما يستمر الارتفاع في أسعار القهوة العالمية، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين تلبية الطلب العالمي وضمان استدامة الإنتاج. ويظل الأمل معقودًا على التعاون بين الحكومات والمزارعين والباحثين لتطوير حلول طويلة الأمد.