شهدت تركيا تراجعًا ملحوظًا في معدلات التضخم خلال ديسمبر الماضي، متجاوزًا التوقعات الاقتصادية، مما يفتح الباب أمام البنك المركزي التركي لاعتماد سياسات نقدية أكثر مرونة خلال العام المقبل. وفقًا للبيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة سنوية بلغت 44.38% في ديسمبر، مقارنة بـ47.09% في نوفمبر، بينما كانت التوقعات تشير إلى 45.20%. أما على المستوى الشهري، فقد سجل التضخم 1.03%، وهو أدنى من التوقعات التي بلغت 1.61%.
تحركات البنك المركزي التركي
في خطوة استباقية لمواجهة الضغوط التضخمية، قام البنك المركزي التركي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس نهاية ديسمبر، وهو إجراء أكبر من المتوقع. ورغم التوجه نحو تخفيف السياسة النقدية، شدد البنك على أهمية الحذر في اتخاذ القرارات المستقبلية لتجنب تأثيرات سلبية على الاستقرار الاقتصادي.
وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة التركية عن زيادة بنسبة 6% في ضريبة الاستهلاك الخاصة على الوقود، وهي خطوة تهدف إلى موازنة الأعباء المالية دون التأثير الكبير على التضخم. كما شهدت السياسات المالية رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 30%، ما يعكس التزام الحكومة بتحقيق التوازن بين دعم الأسر ومواجهة تحديات التضخم.
تحديات الاقتصاد التركي في 2025
يدخل الاقتصاد التركي عام 2025 وسط تحديات جيوسياسية واقتصادية متعددة، أبرزها تحقيق استقرار الأسعار وتعزيز ثقة المستثمرين. تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان حول استمرار خفض أسعار الفائدة خلال العام الجديد أثارت قلقًا بين المراقبين، خاصة مع احتمالية تأثير هذه السياسة على معدلات التضخم وتذبذب العملة المحلية.
في خطوة تهدف إلى تحسين كفاءة السياسات النقدية، قرر البنك المركزي تقليص عدد اجتماعات تحديد أسعار الفائدة إلى ثمانية فقط هذا العام. ويترقب المراقبون كيفية تعامل البنك مع هذه التحديات، خاصة في ظل المخاطر المرتبطة بتوسيع السياسة النقدية التيسيرية.
أداء الليرة والذهب
شهدت الليرة التركية تراجعًا طفيفًا أمام الدولار الأمريكي بنسبة 0.05%، ليصل سعر الصرف إلى 35.36 ليرة للدولار الواحد، بينما ارتفع اليورو بنسبة 0.4% ليبلغ 36.41 ليرة. وعلى صعيد المعادن الثمينة، انخفض سعر غرام الذهب بنسبة 0.1% ليسجل 3,017 ليرة، ما يعكس حالة من الترقب في الأسواق التركية تجاه التطورات الاقتصادية.
آفاق المستقبل
مع استمرار التحديات الاقتصادية، يتعين على صناع القرار في تركيا تحقيق توازن دقيق بين تحفيز النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم. وتبقى الأنظار موجهة نحو قرارات البنك المركزي وخطوات الحكومة في مواجهة هذه الضغوط، لضمان استقرار اقتصادي مستدام في السنوات القادمة.