شهدت أسواق الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وأوروبا تقلبات حادة في الآونة الأخيرة، حيث ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ نتيجة توقعات الطقس البارد وانخفاض مستويات التخزين. هذه العوامل تضافرت لتزيد من الضغط على الطلب في ظل ظروف اقتصادية معقدة.
أداء السوق في الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة، ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي بنسب كبيرة، حيث سجلت عقود فبراير ارتفاعًا تجاوز 22% ليصل سعر الوحدة الحرارية البريطانية إلى 4.128 دولار. جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بتوقعات مناخية تشير إلى موجة برد قاسية خلال النصف الأول من يناير، مع تأكيد تقارير من TP ICAP على أن الطقس سيكون “باردًا جدًا” في معظم أنحاء البلاد خلال الـ 15 يومًا المقبلة.
وصرح سكوت شيلتون، المحلل لدى TP ICAP، بأن الظروف المناخية قد تدفع بأسعار الغاز في شمال شرق الولايات المتحدة إلى مستويات تقارب 17 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مما يدفع بعض المستهلكين للتحول إلى مصادر طاقة بديلة مثل وقود الديزل.
وتشير النماذج المناخية إلى أن ذروة البرد ستحدث في 12 يناير، مع توقعات بزيادة الطلب على الغاز الطبيعي لمستويات قياسية، خاصة مع احتمالية توقف الإنتاج في بعض الآبار نتيجة التجميد، كما هو الحال في مناطق مثل تكساس ومنطقة مارسيليوس.
التأثير الاقتصادي
هذا الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي يُرجح أن يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم العام في الولايات المتحدة، ما قد ينعكس سلبًا على إنفاق المستهلكين، خاصة في ظل الظروف الجوية القاسية التي قد تحد من النشاط الاقتصادي.
أوروبا تواجه تحديات مماثلة
على الجانب الآخر من الأطلسي، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا لتقترب من أعلى مستوياتها خلال شهر ديسمبر. يأتي هذا في ظل تناقص مستويات التخزين بوتيرة أسرع من المعتاد، مع توقعات بزيادة الطلب نتيجة الطقس البارد، بالإضافة إلى انتهاء اتفاقية عبور الغاز بين أوكرانيا وروسيا.
سجلت العقود الآجلة للغاز في أوروبا ارتفاعًا بنسبة 2.5% خلال التداولات المبكرة ليوم الإثنين، لتستقر عند حوالي 48 يورو لكل ميغاواط ساعة. ومع توقعات بانخفاض تدفق الغاز الروسي، تزداد المخاوف بشأن تأمين إمدادات كافية للعام الجديد، خاصة مع تصاعد المنافسة مع الأسواق الآسيوية.
أزمة جيوسياسية تضيف إلى التوترات
ينتهي اتفاق عبور الغاز بين أوكرانيا وروسيا مع بداية العام الجديد، مما يهدد بفقدان حوالي 5% من الطلب الأوروبي على الغاز. وفي الوقت الذي تسعى فيه سلوفاكيا للحفاظ على تدفق الغاز عبر أوكرانيا، يرفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي ترتيبات قد تسهم في تمويل روسيا وسط استمرار الحرب.
وجه رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو نداءً إلى المفوضية الأوروبية للتدخل، محذرًا من أن فقدان إمدادات الغاز سيؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف الطاقة على الأسر والشركات الأوروبية.
التحديات المستقبلية
مع استمرار التوترات الجيوسياسية وانخفاض مستويات التخزين، تواجه أوروبا تحديات كبيرة في تأمين إمدادات الغاز للعام المقبل. هذا الواقع قد يجبر الدول الأوروبية على زيادة اعتمادها على الإمدادات المنقولة عبر الأنابيب من النرويج أو الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، مما يزيد من تكاليف الطاقة ويضع ضغوطًا إضافية على الاقتصادات الأوروبية.
في ظل هذه التطورات، يبقى تأثير هذه التقلبات على الأسواق العالمية موضع متابعة دقيقة، حيث تترقب الأسواق نتائج الجهود المبذولة لتأمين الإمدادات وسط تحديات اقتصادية ومناخية متزايدة.