شهدت أسعار عقود الغاز الطبيعي الأوروبية ارتفاعاً ملحوظاً تجاوز 4% خلال تعاملات يوم الجمعة، على خلفية تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي أبدى فيها شكوكه حول إمكانية إبرام صفقة جديدة لنقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا. تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تقترب الصفقة الحالية من نهايتها مع نهاية العام الجاري، مما يثير مخاوف جدية بشأن استمرارية تدفق الغاز إلى أوروبا.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الأوكرانية أنه لن يكون هناك عبور للغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية اعتباراً من الأول من يناير المقبل. وفي حين أن دول أوروبا الوسطى، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، اقترحت حلولاً بديلة لتجنب أزمة طاقة محتملة، إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفض أي اتفاق من شأنه تعزيز الإيرادات الروسية، مبرراً ذلك باستمرار الحرب بين البلدين.
تعقيدات إضافية للمشهد
حتى الآن، لم يتم حجز أي شحنات غاز لشهر يناير على الحدود بين سلوفاكيا والنمسا، مما يعزز احتمالية حدوث اضطرابات في الإمدادات. وقد أقر الرئيس بوتين بأن إيجاد حلول بديلة لتوفير الغاز لأوروبا سيكون تحدياً كبيراً، نظراً لارتباط العقود طويلة الأجل الحالية. وفي حال فشل التوصل إلى اتفاق جديد، ستكون أوروبا أمام خطر فقدان حوالي 5% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، مما يزيد من الضغوط على الأسواق.
وفي ظل هذا السيناريو، قد تضطر أوروبا إلى زيادة اعتمادها على الغاز الطبيعي المسال القادم من النرويج والولايات المتحدة، وهو خيار مكلف وقد يتطلب وقتاً للتنفيذ.
نزاعات قانونية تزيد التوتر
تأتي هذه التطورات وسط دعوى قضائية رفعتها شركة الغاز الأوكرانية “نفتوجاز” ضد نظيرتها الروسية “جازبروم”، تتهم فيها الأخيرة بعدم دفع رسوم العبور المستحقة. هذه الدعوى تضيف مزيداً من التعقيدات على أي محاولات لتسوية الأزمة، مما يجعل التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة.
الموقف الروسي
على الرغم من التصعيد، أشار نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة السابق ألكسندر نوفاك إلى أن روسيا مستعدة لمواصلة توريد الغاز إلى أوروبا عبر مسارات بديلة. ومع ذلك، لم يكشف نوفاك عن تفاصيل هذه المسارات أو مدى جاهزيتها لتلبية الطلب الأوروبي.
أداء الأسواق
على صعيد التداولات، سجلت عقود الغاز الطبيعي الهولندية الآجلة (TTF) ارتفاعاً بنسبة 4.8% لتصل إلى 47.91 يورو لكل ميجاوات/ساعة، بينما ارتفعت عقود الغاز الطبيعي البريطانية الآجلة بنسبة 3.6% لتسجل 119.72 جنيه إسترليني لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
في ظل اقتراب فصل الشتاء وزيادة الطلب على الطاقة، تبقى الأزمة بين روسيا وأوكرانيا مصدر قلق كبير للأسواق الأوروبية. ومع استمرار المحادثات دون نتائج ملموسة، تبدو الأسواق متأهبة لمزيد من التقلبات في أسعار الغاز خلال الفترة المقبلة.