يشير عدد من المحللين إلى احتمالية وصول أسعار الذهب إلى مستوى غير مسبوق يبلغ 3,000 دولار للأوقية خلال العام 2025، مع توقع أن يتحقق هذا الارتفاع في النصف الثاني من العام. تأتي هذه التوقعات في أعقاب أداء استثنائي شهدته السوق خلال العام الجاري، حيث ارتفعت أسعار الذهب بنحو 30% لتستقر حاليًا حول 2,630 دولارًا للأوقية.
وتشير هذه التوقعات إلى زيادة مرتقبة بنسبة 13% مقارنة بالأسعار الحالية، وهو ما يضع الذهب في دائرة الاهتمام لدى المستثمرين الذين يتابعون السوق بحذر. ووفقًا لشانتيل شيفن، رئيسة قسم الأبحاث في “كابيتالايت للأبحاث”، فإن السوق يمر بحالة من “الترقب والانتظار”، إذ يعيد المستثمرون تقييم الوضع الاقتصادي العالمي في ظل استمرار ضغوط التضخم في الولايات المتحدة.
استقرار الذهب أمام التحديات
على الرغم من الرياح المعاكسة، نجح الذهب في الحفاظ على مكاسبه التي حققها خلال العام الحالي. استقرت الأسعار عند دعم حاسم يبلغ حوالي 2,600 دولار للأوقية، مدعومة بإشارات من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتقليل وتيرة خفض أسعار الفائدة في العام المقبل. ووفقًا لتوقعات الاحتياطي الفيدرالي، سيتم خفض الفائدة مرتين فقط خلال 2025، مقارنة بتوقعات سابقة بخفضها أربع مرات.
وترى شيفن أن هذا الاستقرار يمهد الطريق لارتفاع الأسعار في النصف الثاني من العام المقبل، متوقعة أن تتراوح الأسعار بين 2,500 و2,700 دولار للأوقية في الأشهر الستة الأولى من العام، مع اختراق حاجز 3,000 دولار في النصف الثاني.
تفاؤل البنوك العالمية
عززت البنوك العالمية من توقعاتها الإيجابية تجاه الذهب. وفي حين أشار بنك أمريكا إلى تحديات قصيرة الأجل تواجه السوق بسبب عوائد السندات المرتفعة وقوة الدولار الأميركي، توقع أن تتجاوز الأسعار حاجز 3,000 دولار في المستقبل القريب. وصرح مايكل ويدمر، رئيس أبحاث المعادن بالبنك، بأن البيئة الحالية لا تقدم محفزات كافية لعودة المستثمرين الغربيين بقوة إلى السوق، لكن العوامل طويلة الأجل لا تزال داعمة.
محركات السوق
على الصعيد الدولي، يستمر الطلب من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة في لعب دور رئيسي في دعم الأسعار. وأوضح جون لافورج، رئيس استراتيجية الأصول الحقيقية في “ويلز فارجو”، أن الدول الناشئة تسعى لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأميركي، ما يعزز الإقبال على الذهب كملاذ آمن.
وبالرغم من التباطؤ الأخير في مشتريات البنوك المركزية، فإنها لا تزال مشترية صافية، ما يوفر قاعدة دعم قوية للأسعار. كما يستمر الطلب من المستهلكين الآسيويين، خاصة في الصين، بدعم السوق، في حين تواجه المجوهرات الهندية تحديات موسمية قصيرة الأجل.
نظرة مستقبلية إيجابية
وفقًا لتقرير صادر عن “ستيت ستريت جلوبال أدفايزورس”، فإن الذهب سيظل مدعومًا بأسس اقتصادية قوية. تتوقع الشركة احتمالية بنسبة 50% لتداول الأسعار بين 2,600 و2,900 دولار للأوقية خلال 2025، مع احتمال بنسبة 30% لتجاوز الأسعار حاجز 3,100 دولار.
وأكد جورج ميلينغ-ستانلي، كبير استراتيجيي الذهب في الشركة، أن السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي لن تشكل تهديدًا كبيرًا على أسعار الذهب، متوقعًا استمرار الزخم الصعودي في العام المقبل.
مع دخول 2025، يبدو أن الذهب مستعد لمواصلة رحلته نحو مستويات قياسية جديدة، مدعومًا بعوامل اقتصادية وسياسية تعزز من مكانته كملاذ آمن ومستقر في ظل تقلبات الأسواق العالمية.