شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في التداولات الصباحية للأسبوع الأخير من عام 2024، وسط استمرار حالة الترقب في الأسواق العالمية. يأتي هذا الارتفاع بعد سلسلة من التقلبات الحادة التي شهدها المعدن النفيس، نتيجة لتغيرات جوهرية في سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ففي خطوة مفاجئة، أعلن الفيدرالي تقليص توقعاته لخفض أسعار الفائدة خلال 2025 من 100 نقطة أساس إلى 50 نقطة فقط، مما أضاف المزيد من الضبابية حول مستقبل السياسات النقدية وأثر بشكل مباشر على أداء الذهب.
بحلول الساعة 13:00 بتوقيت الرياض، ارتفعت العقود الفورية للذهب بنسبة 0.26% لتصل إلى 2640.7 دولار للأوقية، بينما شهدت العقود الآجلة لشهر فبراير 2025 انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.16% لتتداول عند 2641 دولارًا للأوقية.
أداء استثنائي في 2024 وتوقعات إيجابية
حقق الذهب مكاسب استثنائية خلال عام 2024، حيث سجل ارتفاعًا يقارب 30%، مما جعله أحد أبرز الأصول أداءً في الأسواق. ومع ذلك، تبقى التوقعات للعام المقبل متباينة، إذ تشير التحليلات إلى إمكانية تحقيق مكاسب إضافية، مع تحذيرات من تحديات محتملة في النصف الأول من 2025.
يتوقع الخبراء وصول أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأوقية خلال النصف الثاني من 2025، وهو ما يمثل زيادة بنحو 13% عن المستويات الحالية.
عوامل داعمة وأسواق مترقبة
وفقًا لشانتيل شيفن، رئيسة قسم الأبحاث في Capitalight Research، فإن سوق الذهب يمر بمرحلة من الترقب، حيث يقيّم المستثمرون تأثير السياسات النقدية وتحديات التضخم المستمرة. كما أن المخاطر الجيوسياسية، خاصة مع اقتراب تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، تضيف مزيدًا من الغموض للأسواق.
ورغم التحديات، تمكن الذهب من الحفاظ على مستويات دعم حاسمة حول 2600 دولار للأوقية، مدعومًا بتباطؤ وتيرة خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.
تحديات أمام الذهب
يرى مايكل ويدمر، مدير الأبحاث في بنك أوف أمريكا، أن ارتفاع عوائد السندات وقوة الدولار الأمريكي قد يشكلان تحديات أمام استمرار صعود الذهب. كما أن السياسات الاقتصادية المنتظرة من إدارة ترامب قد تعزز من النمو والتضخم، مما يحد من الإقبال على المعدن كملاذ آمن.
الطلب من الأسواق الناشئة
على الجانب الآخر، لا يزال الطلب من الأسواق الناشئة والبنوك المركزية يشكل عاملًا داعمًا رئيسيًا لأسعار الذهب. جون لافورج، رئيس استراتيجية الأصول الحقيقية في Wells Fargo، أشار إلى أن العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لا تزال تحتفظ بنسبة صغيرة من احتياطاتها بالذهب، مما يتيح مجالًا لزيادة المشتريات في المستقبل.
كما أن الطلب الاستهلاكي في آسيا، على وجه الخصوص، يستمر في دعم السوق رغم التباطؤ الطفيف في مشتريات البنوك المركزية مؤخرًا.
آفاق مستقبلية
وفقًا لتقديرات مجلس الذهب العالمي، يتوقع أن تشهد أسعار الذهب نموًا معتدلًا خلال 2025، مع إمكانية تحقيق مكاسب إضافية إذا استمر الطلب القوي أو شهدت الأسواق اضطرابات مالية.
ومع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، يظل الذهب خيارًا مفضلًا للمستثمرين الباحثين عن استقرار وأمان استثماري في ظل تقلبات الأسواق العالمية.