شهدت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وأوروبا ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعة بمجموعة من العوامل المرتبطة بالعرض والطلب، بما في ذلك الظروف المناخية الباردة وزيادة التوترات الجيوسياسية. وعلى الرغم من أن هذا الاتجاه قد يستمر في الأجل القريب، إلا أن محللي شركة BCA Research يرون أن العوامل الدورية والهيكلية تشير إلى احتمالية تراجع الأسعار على المدى البعيد.
في أوروبا، سجلت أسعار الغاز أعلى مستوياتها منذ عام في ديسمبر، ما يعكس استمرار تأثير ضعف الاعتماد على الغاز الروسي. أما في الولايات المتحدة، فقد اقتربت العقود الآجلة للغاز الطبيعي من أعلى مستوياتها خلال عام، مدفوعة بزيادة الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، خاصة مع احتمال توقف تدفقات خطوط الأنابيب من أوكرانيا.
المخاوف بشأن الإمدادات تصاعدت بشكل خاص مع اقتراب انتهاء اتفاق نقل الغاز الأوكراني في 31 ديسمبر، وهو العقد الذي يمثل حاليًا نصف صادرات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا. ورغم استبعاد رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال تمديد الاتفاق، إلا أنه أشار إلى احتمالية استكشاف بدائل تتضمن الغاز غير الروسي.
الطقس بدوره يضيف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد. مخزونات الغاز في أوروبا وصلت إلى 78% فقط من طاقتها الإنتاجية، مقارنة بـ89% في العام الماضي. ومع دخول فصل الشتاء واحتمال أن يكون أكثر برودة من المعتاد، قد يؤدي ذلك إلى استنزاف المخزونات بوتيرة أسرع، مما يزيد من تقلبات الأسعار.
في نوفمبر/تشرين الثاني، شهدت أوروبا حدثًا مناخيًا يُعرف بـ”دونكيلفلاوت”، حيث انخفض إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مما دفعها إلى الاعتماد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي. هذا الحدث يبرز التحديات المرتبطة بالطلب المتقلب في ظل نقص الطاقة المتجددة.
رغم هذه الشكوك قصيرة المدى، يتوقع المحللون أن تتراجع أسعار الغاز الطبيعي بعد انتهاء فصل الشتاء. فالطلب الصناعي لا يزال ضعيفًا، ومن المتوقع أن يشهد المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال نموًا ملحوظًا مع توسعات الإنتاج في كل من الولايات المتحدة وقطر لتلبية الطلب المتزايد.
وأكد محللو BCA Research أن الأشهر المقبلة قد تمثل فرصة للمستثمرين للاستفادة من انخفاض الأسعار، مشيرين إلى أن استراتيجيات البيع قد تكون ذات جدوى مع استمرار الضغوط على السوق.