أنهت الأسواق العالمية أسبوعاً مضطرباً بتراجعات حادة طالت الأسهم والسندات، بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لكن بنبرة تشددية واضحة أثرت على توقعات المستثمرين بشأن مستقبل السياسة النقدية. القرار، الذي جاء يوم الأربعاء، أحدث موجة من التقلبات في الأسواق المالية، حيث قفزت عوائد السندات الحكومية إلى مستويات مرتفعة، ما أدى إلى سحب السيولة من الأصول الخطرة وضغط على الأسهم العالمية.
الأسواق الأوروبية تتكبد خسائر كبيرة
في أوروبا، أغلقت المؤشرات الرئيسية على تراجعات ملحوظة، حيث انخفض مؤشر ستوكس 600 بنسبة 2.32% خلال الأسبوع، مسجلاً خسائر واسعة عبر جميع القطاعات. قاد قطاع الطاقة والصناعات التراجعات نتيجة انخفاض أسعار النفط والمعادن، فيما تراجعت أسهم الشركات الكبرى مثل شل وبي بي بأكثر من 4%.
على صعيد البيانات الاقتصادية، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات الصناعية لشهر ديسمبر أداءً أقل من المتوقع في ألمانيا وفرنسا، مما عزز المخاوف من تفاقم الركود الصناعي في المنطقة. في المقابل، شهد قطاع الخدمات تحسناً طفيفاً، مما يشير إلى بعض الاستقرار النسبي.
وول ستريت: خسائر حادة وتوقعات قاتمة
شهدت الأسواق الأمريكية موجة بيع شاملة، حيث انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 3.39%، بينما خسر مؤشر ستاندرد أند بورز 500 حوالي 3.04%. تراجعت أسهم التكنولوجيا بشكل خاص، حيث انخفضت أسهم نفيديا وميتا بنسب بلغت 4.85% و5.58% على التوالي.
وفي خطوة لافتة، خالفت أسهم تسلا الاتجاه العام وحققت مكاسب بنسبة 4.32%، مدفوعة بإعلانات الشركة عن توسعات جديدة في قطاع الطاقة المستدامة.
آسيا: هدوء نسبي وتباين في الأداء
في آسيا، أبقى بنك اليابان على أسعار الفائدة دون تغيير، ما خفف من الضغوط على الأسواق المحلية وأدى إلى تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوى له منذ يوليو. وفي الصين، واصل البنك المركزي سياسته التيسيرية بالإبقاء على أسعار الفائدة مستقرة، بينما سجل اليوان الصيني أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2023.
في نيوزيلندا، عاد الاقتصاد إلى الركود التقني بعد تسجيل انكماش في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني والثالث على التوالي، مما يعكس التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد في ظل تباطؤ النمو العالمي.
التوقعات المستقبلية
مع استمرار تشدد السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي وارتفاع عوائد السندات، يتوقع المحللون أن تواجه الأسواق مزيداً من الضغوط خلال الأسابيع المقبلة. في أوروبا وأمريكا، يبدو أن آمال التعافي الاقتصادي تتضاءل مع دخول العام الجديد، بينما تظل الأسواق الآسيوية أكثر تفاؤلاً بفضل السياسات النقدية الميسرة.
ختاماً، يشير الأداء الأخير للأسواق إلى أن عام 2024 قد يبدأ بتحديات كبيرة، وسط مخاوف متزايدة بشأن استقرار الاقتصاد العالمي وقدرة الأسواق على التكيف مع بيئة نقدية أكثر تشدداً.