استقرت أسعار الذهب ضمن نطاق ضيق في التعاملات الآسيوية يوم الثلاثاء، مع استمرار حذر المستثمرين قبيل سلسلة من الاجتماعات المصيرية للبنوك المركزية العالمية خلال هذا الأسبوع، وعلى رأسها اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. تأتي هذه التحركات في وقت يترقب فيه السوق قرارات حاسمة بشأن أسعار الفائدة، ما جعل المستثمرين يتجهون إلى الدولار كملاذ مؤقت تحسبًا لأي تطورات مفاجئة.
وتراوح سعر المعدن الأصفر بين مستويات 2,600 دولار و2,700 دولار للأونصة، حيث زاد الإقبال على شراء الدولار الأمريكي قبل إعلان نتائج اجتماعات كل من الاحتياطي الفيدرالي، وبنك اليابان، وبنك إنجلترا.
في التفاصيل، شهدت المعاملات الفورية ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليصل سعر الذهب إلى 2,654.99 دولارًا للأونصة، بينما ارتفعت العقود الآجلة المنتهية في فبراير/شباط بنسبة مماثلة لتسجل 2,671.91 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 23:19 بالتوقيت الشرقي (04:19 بتوقيت غرينتش).
الاحتياطي الفيدرالي في قلب المشهد الاقتصادي
تتجه أنظار الأسواق إلى قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يُتوقع على نطاق واسع أن يقوم بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ختام اجتماع يستمر يومين. ورغم أن الأسواق قد استوعبت بالفعل هذا السيناريو، إلا أن التركيز سينصب على توقعات البنك المركزي المستقبلية بشأن وتيرة خفض الفائدة.
يأتي ذلك في ظل قناعة متزايدة بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتجه نحو نهج أكثر حذرًا في العام المقبل، نظرًا للبيانات الأخيرة التي كشفت عن استمرار التضخم عند مستويات ثابتة، إلى جانب قوة سوق العمل الأمريكية. هذه المؤشرات دفعت إلى زيادة التوقعات بشأن إبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة، وهو ما أدى بدوره إلى تعزيز الدولار الأمريكي، وإبقاء أسعار الذهب تحت الضغط.
إن بقاء أسعار الفائدة الأمريكية عند مستويات مرتفعة نسبيًا يقلل من جاذبية الذهب كأداة استثمارية، نظرًا لارتفاع تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الثمين، مما يضغط على أسعاره.
قرارات بنوك اليابان وإنجلترا تزيد الترقب
إلى جانب الاحتياطي الفيدرالي، تترقب الأسواق أيضًا قرارات كل من بنك اليابان وبنك إنجلترا. من المتوقع أن يتجه بنك إنجلترا نحو مزيد من التيسير النقدي عبر تخفيض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد البريطاني المتباطئ.
أما بنك اليابان، فيبقى الغموض سيد الموقف، إذ ينقسم المحللون بشأن إمكانية رفع أسعار الفائدة مجددًا، خاصة بعد التحول التاريخي الذي شهده البنك في سياسته النقدية في وقت سابق من العام الجاري.
تباين أداء المعادن النفيسة والصناعية
وفيما يتعلق بالمعادن النفيسة الأخرى، استقرت عقود البلاتين عند مستوى 941.35 دولار للأونصة، بينما انخفضت عقود الفضة بنسبة 0.3% لتسجل 30.955 دولار للأونصة.
على الجانب الآخر، تعرضت أسعار النحاس لضغوط جديدة بسبب المخاوف المتعلقة بتباطؤ الاقتصاد الصيني، الذي يُعد أكبر مستورد للمعادن الصناعية. فقد انخفضت عقود النحاس القياسية في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.2% لتسجل 9,052.0 دولار للطن، كما تراجعت عقود النحاس الآجلة لشهر فبراير بنسبة 0.5% إلى 4.1745 دولار للرطل.
يأتي هذا التراجع بعد صدور بيانات اقتصادية ضعيفة من الصين، أظهرت استمرار المعاناة الاقتصادية رغم الجهود المستمرة من جانب بكين لتحفيز النمو عبر سلسلة من الإجراءات الداعمة. ورغم مرونة الطلب على النحاس حتى الآن، إلا أن المتداولين يبدون قلقًا متزايدًا من احتمالية حدوث تباطؤ أعمق في الطلب خلال الفترة المقبلة.
وسط حالة من الحذر والترقب، يبقى الذهب في دائرة الضوء، حيث تؤثر التوقعات المتعلقة بأسعار الفائدة وسياسات البنوك المركزية الكبرى بشكل مباشر على تحركاته. وبينما يستمر الدولار الأمريكي في تعزيز مكاسبه، تظل أسعار الذهب والمعادن الأخرى تحت الضغط، بانتظار وضوح الرؤية الاقتصادية العالمية خلال الأيام المقبلة.