شهدت الأسواق العالمية تراجعًا حادًا في أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة، مع انخفاضات تجاوزت 8% في أعقاب فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية. جاء هذا التراجع بعد أن وصل الذهب إلى مستويات قياسية مطلع الشهر، مما أثار تساؤلات حول مستقبل المعدن الأصفر في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة.
أسباب التراجع الحاد في أسعار الذهب
وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي، جاءت التراجعات نتيجة لضغوط متعددة أبرزها:
- قوة الدولار الأمريكي: حيث ارتفع الدولار بدعم من توقعات الأسواق بسياسات مالية متشددة.
- التدفقات الخارجة من صناديق الذهب المتداولة (ETFs): التي شهدت انخفاضًا بحوالي 12 طنًا خلال الأسبوع الأول من نوفمبر.
- ارتفاع العوائد على السندات: مما زاد من تكلفة الفرص البديلة للاستثمار في الذهب.
- التحول إلى الأصول ذات المخاطر العالية: مثل الأسهم والعملات المشفرة.
كما لوحظ انخفاض صافي مراكز المضاربة طويلة الأجل في بورصة COMEX بمقدار 74 طنًا، مما يعكس تقليص التحوطات السابقة المرتبطة بالانتخابات الأمريكية.
تأثير الأوضاع الجيوسياسية والتجارية
أشار التقرير أيضًا إلى أن التوترات الجيوسياسية، مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لعبت دورًا في تعزيز التقلبات في أسواق الذهب. فبينما خرجت التدفقات من الأسواق الغربية، شهدت الأسواق الآسيوية تدفقات إيجابية تعكس استمرار الطلب الاستثماري في المنطقة.
مستقبل أسعار الذهب
رغم التحديات الراهنة، يتوقع مجلس الذهب العالمي أن التصحيح الأخير لن يتحول إلى تراجع طويل الأجل. الأسباب الرئيسية لذلك تشمل:
- تباطؤ تأثير الدولار والعوائد الأمريكية: حيث يظل الطلب على الذهب مدفوعًا بالأسواق الآسيوية، رغم ضعف مشتريات البنوك المركزية.
- السياسات التضخمية للجمهوريين: مثل خفض الضرائب وفرض التعريفات الجمركية، والتي قد تدعم ارتفاع التضخم وبالتالي زيادة الإقبال على الذهب.
- ارتفاع العجز المالي الأمريكي: مما قد يؤدي إلى ضغوط على تصنيفات السندات الأمريكية ويعزز الطلب على الأصول الآمنة.
- تقييمات الأسهم المرتفعة: التي قد تواجه تصحيحًا في حال تغيرت سياسات الإنفاق، مما يدفع المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن.
هل يتجه الذهب نحو التعافي؟
رغم الضغوط الأخيرة، لا تزال العوامل الأساسية التي تدعم الذهب قائمة. المخاطر الجيوسياسية، والسياسات المالية التضخمية، واستمرار المخاوف بشأن العجز المالي الأمريكي، تشير جميعها إلى إمكانية تعافي الذهب على المدى الطويل. قد تشهد الأسواق تصحيحًا صحيًا على المدى القصير، لكن الذهب يظل أحد أبرز الأصول التي تحظى باهتمام المستثمرين في أوقات عدم اليقين.