تشهد السوق السعودية حالة من الانتعاش في المؤشرات المالية، حيث ارتفع المؤشر الرئيسي “تاسي” بنسبة 0.42% ليصل إلى مستوى 12,145 نقطة، بينما شهد مؤشر السوق الموازية “نمو حد أعلى” زيادة طفيفة بنسبة 0.18%، مما يعزز الآمال بتحسن عام في أداء الشركات. ومع ذلك، تأتي هذه الارتفاعات في ظل صراعات داخلية تعصف بشركات بارزة مثل شركة هرفي للخدمات الغذائية (TADAWUL:6002)، حيث يشهد سهم الشركة تراجعاً حاداً يثير تساؤلات حول مستقبله وقدرته على التعافي.
في تطور غير مسبوق، أعلن الرئيس التنفيذي السابق لشركة هرفي، أحمد السعيد، عزمه رفع شكوى للنيابة العامة ضد مجلس الإدارة الحالي، متهماً إياهم بالتشهير به. يأتي هذا الإجراء بعد فشل السعيد مرتين في مساعيه لإقالة رئيس مجلس الإدارة، حيث تم رفض طلبه في جمعية عمومية استثنائية عُقدت مؤخراً. ويرى السعيد أن خسائر الشركة وهبوط قيمة سهمها إلى ما يقارب ثلثي قيمته السابقة يبرران طلبه، إلا أن مجلس الإدارة أبدى اعتراضه ببيان يتضمن اتهامات عدة ضد السعيد، متهماً إياه بعدم الكفاءة وسوء الإدارة خلال فترة ولايته.
السعيد، الذي غادر منصبه عام 2021 ليحل محله ابنه خالد قبل أن يُعزل هو الآخر، أبدى استياءه مما اعتبره “افتراءات” تهدف إلى تشويه سمعته، مؤكداً على استعداده لتقديم الأدلة التي تدحض هذه الادعاءات أمام الجهات المختصة، بما في ذلك الهيئة العامة للنيابة والمحكمة الجزائية. هذه الأحداث تعكس توتراً بين المساهمين، خاصة بعد أن أفادت تقارير بأن شركة “صافولا” (TADAWUL:2050) تمتلك حوالي 49% من أسهم هرفي، ما يمنحها سيطرة كبيرة على قرارات مجلس الإدارة وتعيين أعضائه.
تحدث السعيد لصحيفة “الاقتصادية” مشيراً إلى أن العديد من المساهمين غير راضين عن أداء مجلس الإدارة، حيث يرون أن هذا الأداء المتراجع قد ساهم في خسائر متراكمة وهبوط قيمة السهم بشكل ملحوظ. ودعا السعيد شركة “صافولا” إلى تقليل تدخلها في شؤون الشركة، معبراً عن اعتقاده بأن تدخلها يؤثر سلباً على أداء الشركة واستقرارها.
وفي هذا السياق، أعرب عدد من حملة الأسهم، ممن حضروا الاجتماع الأخير للجمعية العمومية، عن استيائهم من الخسائر المتصاعدة، حيث أوضح أحد المساهمين، ويدعى نواف، أنه غير قادر على تحديد السبب الدقيق لتراجع قيمة السهم إلى 25 ريالاً بعدما كانت قيمته تتجاوز 63 ريالاً قبل ثلاث سنوات. وصرّح نواف قائلاً: “إنني أستمع إلى جميع الأطراف، إلا أنني لا أزال غير قادر على معرفة الجذور الحقيقية التي أدت إلى هذا الانحدار الكبير في قيمة السهم”.
ويرى مراقبون أن المشكلة الرئيسية قد تكمن في فقدان السعيد السيطرة على الشركة التي أسسها، حيث انخفضت حصته إلى ما يقارب 15% فقط من أسهم الشركة، مما أدى إلى إقالته وتفاقم الخلافات مع أعضاء مجلس الإدارة. من جانب آخر، يرى بعض المحللين أن حالة الصراع الحالية قد تدفع السهم نحو مزيد من التراجع، إذ أن عدم استقرار القيادة يترك تأثيراً سلبياً على أداء الشركة ويضعف ثقة المستثمرين في مستقبلها.
يبقى التساؤل حول ما إذا كانت “هرفي” قادرة على استعادة مكانتها السابقة وسط هذه الصراعات الداخلية. يبدو أن التوجه نحو القضاء وإشراك الهيئة العامة للنيابة قد يستغرق وقتاً طويلاً، ما يجعل المستقبل غامضاً بالنسبة للشركة. وفي ظل التقلبات المستمرة في السوق السعودية، يبقى مصير سهم “هرفي” رهناً بحلول ناجعة لهذه الأزمة وإعادة الثقة إلى قاعدتها الاستثمارية.