شهدت أسواق المال العالمية تقلبات حادة، إذ احتفلت وول ستريت بفوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وذلك بانفجار في أسعار الأسهم الأمريكية، فيما سجلت المؤشرات الرئيسية مستويات قياسية تاريخية.
سجل مؤشر “داو جونز” الصناعي ارتفاعًا صاروخيًا بنحو 1300 نقطة، ما يعادل قفزة بنسبة 3%، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، وتعد هذه الزيادة اليومية الأضخم منذ نوفمبر 2022. ولم يكن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” أقل تألقًا، إذ ارتفع بنسبة 1.9%، ليحطم رقمه القياسي السابق، في حين شهد مؤشر “ناسداك” المركب ارتفاعًا بواقع 2.1%، مدعومًا بمكاسب ملحوظة في أسهم شركات التكنولوجيا.
بالمقابل، شهدت أسعار الذهب العالمية تراجعًا حادًا بلغ 3%، متأثرة بالارتفاع القوي للدولار الأمريكي. ففي سوق المعادن النفيسة، يمثل ارتفاع الدولار ضغطًا كبيرًا على أسعار الذهب، الذي يُعتبر عادةً ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات عدم اليقين.
وقد جاء هذا التحول المفاجئ في الأسواق عقب الإعلان عن فوز ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، بعد حصوله على 276 صوتًا في المجمع الانتخابي، مع حسمه لولايات رئيسية مثل بنسلفانيا وكارولينا الشمالية وجورجيا. هذا الانتصار الذي قلب التوقعات السياسية رأسًا على عقب، أشاع موجة من التفاؤل بين المستثمرين الذين يتوقعون سياسات داعمة للأعمال وتحفيزًا اقتصاديًا واسع النطاق.
وفي ظل الأجواء المترقبة للسياسات الاقتصادية المستقبلية، ارتفعت العائدات على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 4.47%. وجاء هذا الارتفاع مع تكهنات تشير إلى أن سياسات ترامب، التي تشمل خفض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية، ستؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي على المدى القصير، إلا أنها قد تزيد من العجز المالي وترفع معدلات التضخم.
وبالتزامن مع هذا الزخم، سجل سعر البيتكوين، العملة الرقمية الأشهر في العالم، ارتفاعًا غير مسبوق إلى مستوى 75,000 دولار. ويرجع المحللون هذا الارتفاع إلى التوقعات بأن إدارة ترامب ستتبنى نهجًا تنظيميًا أكثر مرونة، ما يعزز من جاذبية العملات الرقمية لدى المستثمرين.
وفي المشهد السياسي، استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ، في حين أن النتيجة النهائية لمجلس النواب لا تزال غير محسومة، مما يفتح الباب أمام سيناريو سيطرة شاملة للحزب الجمهوري على الكونغرس، وهو ما قد يمنح ترامب الدعم اللازم لتنفيذ أجندته الاقتصادية.
أداء الأسهم
شهدت أسهم الشركات المرتبطة بسياسات ترامب المنتظرة مكاسب ضخمة؛ فقد قفز سهم تسلا (NASDAQ) بنسبة 14%، مستفيدًا من توقعات تخفيف اللوائح التنظيمية تحت الإدارة الجديدة. كما سجلت أسهم البنوك، مثل جي بي مورغان تشيس (NYSE) وبنك أوف أمريكا (NYSE) وويلز فارغو (NYSE)، ارتفاعات تجاوزت 6%، مدفوعة بآمال في تحقيق المزيد من الأرباح في بيئة اقتصادية داعمة للأعمال.
أما الشركات الصغيرة، التي تعتمد بشكل كبير على الاقتصاد المحلي، فقد تلقت دعمًا قويًا، حيث قفز مؤشر “يو إس سمول كاب 2000” بنسبة 4%، وسط توقعات بأن تستفيد هذه الشركات من سياسات ترامب الاقتصادية. وارتفعت أسهم “ترامب ميديا آند تكنولوجي غروب” (NASDAQ) بنسبة 14% في جلسة متقلبة، مستفيدة من التأييد الشعبي الذي يتمتع به الرئيس السابق.
وفي الجانب الآخر من السوق، تراجعت أسهم بعض الشركات، مثل “لوسيد موتورز” (NASDAQ)، التي هبطت بنسبة 3.33% لتصل إلى 2.17 دولار، في حين تراجع سهم “كانون” (OTC) بنسبة 1.1%، وسجل سهم شركة “نيو” (NYSE) انخفاضًا حادًا بنسبة 5.6%.
تطورات الأسواق في اللحظات الأخيرة
عند الساعة 18:52 بتوقيت الرياض، كانت أسواق المعادن والنفط والعملة في حالة من الترقب والاندفاع. تراجعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 2.5% لتصل إلى 2682 دولارًا للأوقية، بينما انخفضت العقود الفورية بنسبة 2.6% لتسجل 2673 دولارًا للأوقية. وفي المقابل، ارتفعت عقود مؤشر الدولار بنسبة 1.55% لتصل إلى مستوى 104.92 نقطة، معززة من مكاسب العملة الأمريكية.
أما في أسواق الطاقة، فقد شهدت عقود خام برنت ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% لتصل إلى 75.6 دولارًا للبرميل، في حين ارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.3% لتبلغ 72.2 دولارًا للبرميل، في ظل ترقب الأسواق لأي تطورات قد تؤثر على التوازن بين العرض والطلب.