شهد الاقتصاد الأميركي نمواً بنسبة 2.8% خلال الربع الثالث من عام 2024، وفق التقديرات الأولية الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الأميركية اليوم الأربعاء. على الرغم من هذا الأداء الجيد نسبياً، إلا أن هذه النسبة جاءت أقل من توقعات المحللين الذين رجحوا نمواً بنسبة 3% في استطلاع أجرته وكالة “رويترز”.
الأداء الاقتصادي قبيل الانتخابات الرئاسية
يتزامن هذا الإعلان مع استعداد الناخبين الأميركيين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 5 نوفمبر، حيث يشتد التنافس بين كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية ومرشحة الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب، الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري. يعتبر الأداء الاقتصادي عاملاً رئيسياً في تحديد توجهات الناخبين، لا سيما أن قضايا الميزانية والتضخم تشكل محور الحملة الانتخابية لكل من الحزبين.
الاستهلاك يقود النمو رغم أسعار الفائدة المرتفعة
استمر إنفاق المستهلكين، الذي يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي، في تقديم دعم قوي للاقتصاد على الرغم من استمرار الضغوط الناتجة عن أسعار الفائدة المرتفعة. وفقاً لوكالة “أسوشييتد برس”، كان من المتوقع أن يدفع هذا الإنفاق القوي الاقتصاد نحو تحقيق معدلات نمو أفضل، لكن بعض العوامل مثل تراجع التوظيف وإضرابات عمالية أثرت سلباً على الأداء.
بيانات سوق العمل تفقد زخمها
رغم ارتفاع ثقة المستهلكين إلى أعلى مستوى لها منذ مارس 2021، أظهرت بيانات سوق العمل تراجع عدد الوظائف المتاحة إلى 7.44 مليون وظيفة في سبتمبر، مقارنةً بـ 7.86 مليون في أغسطس. كان المحللون يتوقعون أن تنخفض الوظائف إلى 7.99 مليون، مما يعكس تباطؤاً ملحوظاً في سوق العمل. كما أظهرت الإحصائيات أن متوسط التوظيف الشهري في 2024 بلغ 200 ألف وظيفة فقط، مقارنةً بـ 604 آلاف وظيفة شهرياً في 2021.
توقعات إيجابية رغم التحديات
من المتوقع أن تعلن وزارة العمل الأميركية يوم الجمعة المقبل إضافة 120 ألف وظيفة جديدة فقط في القطاعات غير الزراعية خلال شهر أكتوبر، وهو رقم منخفض يعكس تداعيات عدة عوامل، مثل إضرابات عمال شركة بوينغ وتأثيرات إعصاري ميلتون وهيلين. وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يزال إنفاق المستهلكين قوياً، مما يُبقي الاقتصاد على مسار النمو الإيجابي.
في المحصلة، يُظهر الأداء الاقتصادي الأميركي في الربع الثالث مزيجاً من التفاؤل الحذر والضغوط الناجمة عن التحديات الداخلية والخارجية. ورغم تحقيق نمو قوي نسبياً، فإن التوقعات تُشير إلى استمرار التباطؤ التدريجي في ظل التأثير المستمر لأسعار الفائدة المرتفعة والتوترات السياسية المحيطة بالانتخابات المقبلة.