أكد وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، التزام المملكة بالحفاظ على طاقة إنتاجية للنفط الخام تصل إلى 12.3 مليون برميل يومياً، مشيراً إلى أن هذه القدرة الإنتاجية تمثل حجر الزاوية في استراتيجية المملكة لتعزيز مكانتها العالمية في أسواق الطاقة وضمان الاستقرار في الإمدادات. جاء ذلك خلال مشاركته في فعاليات “مبادرة مستقبل الاستثمار” التي تُعقد في السعودية، حيث أشار إلى أن هذه الاستراتيجية ليست مجرد استجابة للظروف الحالية في السوق، بل جزء من رؤية طويلة الأمد تهدف إلى ضمان استمرارية الموارد وتعزيز المرونة في مواجهة التغيرات المستقبلية.
وفي معرض حديثه عن التطورات الجديدة، أفاد الأمير عبدالعزيز بأنه من المتوقع التوقيع على اتفاق مع صندوق الاستثمارات العامة، بهدف التمهيد للإعلان عن إطلاق منصة تبادل جديدة في العاصمة الأذربيجانية باكو، وهو ما يعكس رغبة المملكة في تنويع شراكاتها الاقتصادية وتعزيز دورها في الأسواق الدولية، ليس فقط كمصدر للموارد التقليدية، بل أيضاً كمنصة للتبادل والتعاون الاقتصادي.
وتحدث الوزير أيضاً عن الدور المتنامي للطاقة المتجددة في سياسة المملكة، موضحاً أن السعودية تعتزم إضافة 20 غيغاواط من الطاقة المتجددة بنهاية هذا العام. وأكد أن المملكة تعمل على تصدير الطاقة بكافة أشكالها، مما يعزز مكانتها كمورد عالمي للطاقة المتجددة، في إطار مساعيها لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، وتطوير صناعات مستقبلية مستدامة. هذا التوجه يعكس التزاماً عملياً برؤية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتطوير بنية تحتية تكنولوجية متقدمة.
كما أشار الأمير عبدالعزيز إلى أن السعودية تطبق مفهوم الاقتصاد الدائري، وهو نموذج يسعى إلى تقليل الهدر والاستفادة القصوى من الموارد. وأوضح أن المملكة تعمل أيضاً على دخول مجالات التصنيع بهدف خلق مرونة اقتصادية وتنويع مصادر الدخل، مما يتيح للاقتصاد السعودي مزيداً من الاستدامة والقدرة على التكيف مع التحديات العالمية. وأضاف أن الحكومة السعودية تخطط لربط جميع مناطق المملكة بمصدرين على الأقل للطاقة الكهربائية، بهدف تعزيز استقرار الشبكة الكهربائية وضمان استمرارية الإمدادات في كافة الأوقات.
وفي سياق تطور البنية التحتية للطاقة، أشار الوزير إلى أن السعودية أصبحت أكبر منتج للهيدروجين في العالم، وهي الآن في مرحلة الاستعداد لتصدير هذا المورد الحيوي. وأكد أن هذا الإنجاز يعكس التزام المملكة بتطوير حلول مبتكرة في مجال الطاقة النظيفة وتعزيز دورها الريادي في التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.
وأشار الأمير عبدالعزيز إلى أن هذه التحولات ليست وليدة اللحظة، بل تأتي تتويجاً لجهود بدأت في سبعينيات القرن الماضي، حيث عملت المملكة على الانتقال من استخدام السوائل النفطية إلى الغاز في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه. وأوضح أن المملكة استطاعت تحقيق إنجازات كبيرة في مجال كفاءة الطاقة، إذ انطلق برنامج كفاءة الطاقة في عام 2012، وشهد تعاوناً بين الحكومة وأكثر من 20 جهة ومؤسسة. وأكد أن ما حققته المملكة في أقل من ست سنوات يضاهي ما أنجزته الولايات المتحدة في مجال كفاءة الطاقة خلال نفس الفترة، وهو إنجاز يعكس الكفاءة العالية التي تدار بها هذه البرامج في المملكة.
وتطرق الأمير عبدالعزيز إلى الإنجازات التي حققتها دول مجلس التعاون الاقتصادي والتنمية، مشيراً إلى أن هذه الدول احتاجت إلى خمسين عاماً لتحقيق أهدافها، بينما استطاعت المملكة تحقيق الأهداف نفسها في 20% فقط من الوقت الذي استغرقته تلك الدول. هذا التفوق يعكس تصميم المملكة على تسريع وتيرة التنمية وتبني أفضل الممارسات في مجالات الطاقة والاقتصاد.
وفي ختام تصريحاته، أكد وزير الطاقة السعودي أن المملكة تعمل بشكل استباقي على تحديد المواقع المناسبة لتوليد الطاقة المتجددة، لضمان تحقيق أقصى استفادة من الموارد الطبيعية المتاحة. يعكس هذا النهج رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين استغلال الموارد التقليدية وتنمية مصادر الطاقة النظيفة، بما يضمن استدامة النمو الاقتصادي والبيئي في المستقبل.