تراجع التضخم وزيادة جاذبية السندات التركية : أصدر البنك المركزي التركي تقريره الشهري الذي أشار إلى تراجع توقعات التضخم لنهاية عام 2024، ما يعكس اتجاهًا إيجابيًا في معدلات التضخم في البلاد. يأتي ذلك في ظل تزايد الاهتمام بالسندات التركية، لا سيما سندات TLREF المرتبطة بالمعدل المرجعي للفائدة، والتي باتت تجذب اهتمام المستثمرين الأجانب الباحثين عن عوائد مرتفعة في الأسواق الناشئة.
وعلى صعيد سوق العملات، سجلت الليرة التركية تراجعًا أمام الدولار الأمريكي، حيث بلغ سعر صرف الليرة مستوى 33.95 ليرة للدولار الواحد، بانخفاض قدره 0.14% خلال اليوم. وعلى الجانب الآخر، شهد اليورو ارتفاعًا أمام الليرة ليصل إلى 37.67 ليرة لليورو الواحد، محققًا زيادة بنسبة 0.37%. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية، حيث سجل غرام الذهب حوالي 2808 ليرة تركية، بزيادة 2.1% في اليوم الواحد.
وفي سياق التضخم، كشفت نتائج مسح البنك المركزي عن انخفاض توقعات المشاركين في السوق لمعدل التضخم بنهاية العام إلى 43.1%، مقارنةً بالتوقعات السابقة التي بلغت 43.3%. كما انخفضت توقعات التضخم على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة إلى 27.5%، مقارنةً بالتوقعات السابقة البالغة 28.1%. هذا التراجع يتماشى مع الاتجاه المستمر في تراجع معدلات التضخم منذ مطلع العام، ما يعزز التفاؤل بقدرة البنك المركزي على السيطرة على الضغوط التضخمية.
وفقًا لبيانات المعهد الإحصائي التركي (TurkStat)، تراجع معدل التضخم السنوي من 61.78% في يوليو إلى 51.97% في أغسطس، بينما ارتفع التضخم الشهري بنسبة 2.47% خلال نفس الفترة. تشير هذه البيانات إلى نجاح بعض الإجراءات الحكومية والنقدية في خفض الضغوط التضخمية، على الرغم من استمرار التحديات.
يشمل تقرير البنك المركزي أيضًا توقعات حول العجز في الحساب الجاري، حيث قام المشاركون في المسح بتعديل توقعاتهم لعجز الحساب الجاري لنهاية 2024، متوقعين أن يصل إلى 22.17 مليار دولار، مقارنةً بالتوقع السابق البالغ 25.48 مليار دولار. هذا التعديل يعكس تحسنًا في ميزان المدفوعات، حيث سجل الحساب الجاري فائضًا قدره 566 مليون دولار في يوليو، مقارنةً بفائض بلغ 330 مليون دولار في يونيو.
وعلى صعيد النمو الاقتصادي، خفّض المشاركون في الاستطلاع توقعاتهم لمعدل النمو الاقتصادي لعام 2024، حيث يتوقعون الآن نمو الاقتصاد بنسبة 3.2%، مقارنةً بالتوقع السابق البالغ 3.4%. كما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 3.4% بدلاً من 3.5%. وتتماشى هذه التعديلات مع التوجهات الحكومية الجديدة التي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.5% في 2024 و4% في 2025، وفقًا لبرنامج الحكومة الاقتصادي متوسط الأجل.
السندات التركية: نجم الأسواق الناشئة
في ظل الارتفاع الكبير في معدلات التضخم في تركيا، أصبحت سندات TLREF، التي ترتبط بالمعدل المرجعي للفائدة الذي يحدده البنك المركزي، أكثر جاذبية للمستثمرين، لا سيما الأجانب. هذه السندات التي توفر عوائد مرتفعة تصل إلى حوالي 50%، تفوقت على السندات التقليدية لأجل سنتين وعشر سنوات، التي توفر عوائد بنسبة 42.1% و28.7% على التوالي.
كان من الصعب على المستثمرين الأجانب الوصول إلى هذه السندات في السابق نظرًا لحيازتها من قبل البنوك المحلية لأغراض إدارة الميزانيات. إلا أن التوجه الحالي يعكس تغيرًا في هذا الواقع، حيث باتت السندات أكثر توافرًا وجاذبية للمستثمرين الأجانب الذين يتوقعون استمرار معدلات الفائدة المرتفعة لفترة طويلة لمواجهة التضخم المرتفع.
يستند الطلب المتزايد على سندات TLREF إلى التوقعات بأن البنك المركزي التركي سيواصل سياسته النقدية المتشددة لفترة أطول لمكافحة التضخم. وعلى الرغم من جهود البنك المركزي لاحتواء التضخم، الذي بلغ ذروته في أكتوبر 2022 عند 86%، ثم تراجع لاحقًا إلى 75% في مايو 2023، فإن المستثمرين يرون أن السيطرة الكاملة على التضخم ستستغرق وقتًا أطول، مما يعزز جاذبية السندات المرتبطة بالفائدة المرتفعة.
في النهاية، تعكس هذه التطورات مشهدًا اقتصاديًا معقدًا في تركيا، حيث تحاول الحكومة والبنك المركزي موازنة السيطرة على التضخم مع تعزيز النمو الاقتصادي، في ظل ظروف مالية عالمية غير مستقرة. يبقى الاستثمار في السندات التركية، وخاصة TLREF، خيارًا مغريًا للمستثمرين الباحثين عن عوائد مرتفعة في بيئة اقتصادية تتطلب ضبطًا دقيقًا للسياسات المالية والنقدية.