هل سيخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة ؟ تُعد مسألة خفض الفائدة المنتظرة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي محور النقاشات الاقتصادية حاليًا، وخاصة في وول ستريت، حيث يتساءل الجميع: هل سيخفض الفيدرالي الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أم 50 نقطة؟ هذا السؤال يثير الكثير من الجدل والاهتمام، لا سيما بعد صدور تقرير الوظائف لشهر أغسطس الذي قدم إشارات مختلطة حول حالة سوق العمل والاقتصاد الأمريكي.
أداء سوق العمل وأثره على السياسة النقدية:
أفاد مكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل (BLS) بأن عدد الوظائف غير الزراعية ارتفع بمقدار 142,000 وظيفة في أغسطس، وهو رقم جاء دون التوقعات التي كانت تشير إلى إضافة 161,000 وظيفة. على الرغم من ذلك، أظهر التقرير تراجعًا طفيفًا في معدل البطالة إلى 4.2%، مما يتماشى مع التوقعات. هذه الأرقام أضافت طبقة جديدة من التعقيد حول كيفية تصرف الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل.
لكن لا يتوقف الأمر هنا، فقد تم تعديل أرقام شهري يونيو ويوليو بشكل كبير. حيث تراجعت مكاسب الوظائف في يوليو بمقدار 25,000 وظيفة، كما انخفضت أرقام يونيو بمقدار 61,000 وظيفة، ليصل الإجمالي الجديد إلى 118,000 وظيفة فقط. هذا التراجع في الأرقام يدعو للتفكير حول مدى صلابة سوق العمل الأمريكي، وهل يمكن أن يؤثر ذلك على قرارات الفيدرالي بشأن الفائدة؟
الأجور وسوق العمل:
بالرغم من هذه الأرقام التي قد تبدو سلبية، إلا أن هناك جانبًا إيجابيًا يتمثل في ارتفاع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 0.4% خلال شهر أغسطس، وهو ما تجاوز التوقعات التي كانت تُشير إلى ارتفاع بنسبة 0.3%. وعلى أساس سنوي، نمت الأجور بنسبة 3.8%، مقارنة بتوقعات بلغت 3.7%. هذه الزيادة في الأجور تُظهر مرونة في سوق العمل، مما قد يدفع الفيدرالي إلى إعادة التفكير في الحاجة إلى خفض كبير للفائدة.
توقعات وول ستريت:
في ضوء هذه الأرقام، شهد مؤشر S&P 500 ارتفاعًا، حيث أخذ المستثمرون في الاعتبار تأثير تقرير الوظائف على السياسة النقدية. مع ذلك، تُشير توقعات المتداولين إلى وجود احتمالية بنسبة 50% أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر. هذا السيناريو قد يكون مدفوعًا بالرغبة في تحفيز الاقتصاد المتباطئ والتعامل مع التحديات التي تواجه سوق العمل.
لكن، ما رأي خبراء الاقتصاد في وول ستريت؟
جيفريز، أحد أبرز الخبراء الاقتصاديين، يرى أن البيانات الحالية لا تُعطي الفيدرالي الدافع الكافي لاتخاذ قرار بخفض 50 نقطة أساس. يعتقد الخبراء هناك أن البيانات لم تكن سيئة بما يكفي لدفع الفيدرالي نحو تخفيض كبير، ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال تخفيض أقل بمقدار 25 نقطة أساس.
من جهة أخرى، إيفركور آي إس آي يرى أن البيانات الحالية تُبرر خفضًا أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، لكنهم يشيرون إلى أن لجنة الفيدرالي قد تكون مترددة في اتخاذ هذا القرار السريع. من وجهة نظرهم، قد يميل باول إلى البدء بتخفيض أصغر بمقدار 25 نقطة أساس مع إبقاء الباب مفتوحًا لتخفيضات إضافية لاحقًا، وربما يكون مستعدًا لاتخاذ قرار بخفض أكبر في نوفمبر إذا استمرت التحديات الاقتصادية.
أما المعرفة الحيوية، فقد وصفت تقرير الوظائف لشهر أغسطس بأنه ليس سيئًا كما كان يُخشى، لكنه لا يزال ضعيفًا بما يكفي لتبرير خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. يعتقدون أن الاقتصاد في مرحلة حاسمة وأن الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يتخذ خطوات استباقية لدعم الاقتصاد قبل أن تتحول التحديات الحالية إلى أزمة أكبر.
هل سيختار الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أم 50؟
في النهاية، القرار بيد الاحتياطي الفيدرالي، الذي عليه الموازنة بين التحديات الحالية والبيانات الاقتصادية المتاحة. بينما تميل بعض الأصوات إلى ضرورة خفض أكبر لتحفيز الاقتصاد، فإن آخرين يرون أن التوجه نحو خفض تدريجي سيكون الأكثر حكمة، مما يتيح للفيدرالي المرونة في التعامل مع المتغيرات المستقبلية.
كل هذا يضع وول ستريت والمستثمرين في حالة ترقب، حيث يعتمد قرار الفيدرالي على مجموعة من العوامل الاقتصادية التي تتغير باستمرار.